أصول أهل السنة والجماعة في الاعتقاد
تقديم
إن
الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما
بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد:
فهذا بحث يوضح في عجلة من الأمر أصول منهج أهل السنة والجماعة في الاعتقاد،
أعددته من أجل تقديمه إلى أستاذي الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور مصطفى حلمي حفظه
الله وبارك لنا في علمه ونفعنا به، هذا وقد استفدت في بحثي استفادة عظيمة من:
1- "موقف ابن تيمية من الأشاعرة"؛ للأستاذ عبدالرحمن بن صالح
بن صالح المحمود؛ حيث أفرد موضوع البحث بمبحثٍ مستقل.
2- مقال: منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال على مسائل العقيدة؛
للأستاذ: أبو مريم محمد
الجريتلي، وهو مقال منشور على شبكة الألوكة الإلكترونية بتاريخ 11/6/2009
- 18/6/1430، وهو - فيما يبدو لي - تلخيص وتنظيم لكلام الأستاذ عبدالرحمن بن صالح بن
صالح المحمود.
3- عقيدة أهل السنة والجماعة؛ إعداد الندوة
العالمية للشباب الإسلامي، مقال منشور على الشبكة العنكبوتية.
هذا، وأسأل الله العفو والصفح، والرضا والقبول، وصلى الله وسلم على عبده
ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تعريف العقيدة
العقيدة لغة:
أصل العقد نقيض الحل، عقده يعقده عقدًا وتعقادا، وعقَده، وقد انعقد، وتعقَّد،
ثم استعمل في أنواع العقود من البيوعات، والعقود وغيرها، ثم استعمل في أنواع العقود
من البيوعات، والعقود وغيرها، ثم استعمل في التصميم والاعتقاد الجازم.
في الاصطلاح:
العقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشَّك فيه لدى معتقده، و(في الدين) ما يقصد به
الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وَبَعثه الرُّسُل[1].
أو هي ما يقابل الشريعة؛ إذ الإسلام عقيدة وشريعة، وبينما يقصد بالشريعة
بمعناها الخاص التكاليف العملية التي جاء بها الإسلام في العبادات والمعاملات فإنه
يقصد بالعقيدة - بمعناها الخاص أيضًا - الأمور الغيبية التي يجب على المسلم
اعتقادها في قلبه؛ لأن الله أخبره بها عن طريق كتابه أو سنة نبيه, ولذلك اقتسمت
الشريعة والعقيدة الجانب العملي والغيبي اللذين يتكون منهما الإسلام, فمجموعهما
عبارة عن الإسلام.
والعقيدة ليست مجرد تصديق, وإنما هي تصديق جازم لا ريب، فإن شابه ريبٌ أو
شك كان ظنًّا لا عقيدة؛ قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات: 15]، وقال أيضًا: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ
لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1، 2]، كما قال: {إِنَّكَ جَامِعُ
النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ} [آل عمران: 9]، وذمَّ المشركين المرتابين
فقال: {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة:
45].
وتدور حول قضايا معينة، وهي القضايا الست التي عيَّنها القرآن والسنة، فلا
نقصد بالعقيدة هنا اعتقاد أي شيء وإنما اعتقاد تلك القضايا، وهي أمور غيبية غير
مشاهدة ولا منظورة، وهي التي عناها الحق سبحانه في قوله عندما مدح المؤمنين: {الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3]، فالله غيب، وكذا الملائكة، واليوم الآخر،
والقضاء والقدر، أما الكتب والرسل فقد يتبادر إلى الذهن أنها تُشاهَد وتُنظَر،
ولكن المراد باعتقادها هو الإيمان بنسبتهما إلى الله؛ أي: كون الرسل مبعوثين من
قِبَله، والكتب منزلة من عنده، وهذا وذاك أمر غيبي[2].
هذا وقد قدم العلماء عدة تعريفات للعقيدة منها:
بلوغ الشعور بالشيء إلى حد يُصبح محركًا لعواطفنا وموجهًا لسلوكِنا[3]. ومنها:
التصديق والاعتراف الكامل من غير تبديل أو نقص، والاستسلام اليقيني لجميع أركان
الإسلام[4].
ومنها: العهد المشدَّد والعروة الوثقى المستقرَّة في القلب والراسخة في
الأعماق[5], ومنها:
تصديق القلب بالله ورسوله، ومنها: الإيمان بالله ربًّا واحدًا والاعتقاد بكل ما
أَوحى إلى نبيِّه من أخبار الغيب، ومنها: الأمور التي تصدق بها النفوس وتطمئن
إليها القلوب وتكون يقينًا عند أصحابها لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك[6].
وهذه التعريفات جاءت توضِّح آثار
العقيدة أكثر مما توضِّح معناها ومثلها ما قيل في تعريفها من أنها الإيمان الذي
وقَر في القلب وصدَّقه العمل[7] إلى غير
ذلك، وأيًّا ما يكن فإن من مجموع العقيدة والشريعة يتكون الإيمان الكامل.
ولا تختص العقيدة بالاعتقاد الصحيح
فقط؛ لأن كل مذهب أو ديانة لا بد لأصحابه من عقيدة يُقيمون عليها نظام حياتهم،
صحيحةً كانت هذه العقيدة أم فاسدة، فالعقيدة إما صحيحة وإما فاسدة، والعقيدة
الصحيحة هي التي جاءت بها الرسل في كل زمان ومكان وهي عقيدة واحدة، والعقيدة الفاسدة
ما كان من وضع البشر، وعدم صحتها ناشئ عن محدودية العقول البشرية؛ فهي وإن استطاعت
أن تقع على الصحيح أحيانًا فإنها غير قادرة على الوقوع عليه في كل حين، وقد يأتي
فساد العقيدة من تحريف البشر لها وتغييرها وتبديلها كما هو الحال بالنسبة لليهودية
والنصرانية في الوقت الحاضر، واقتصرت العقيدة الصحيحة الآن على الإسلام.
تعريف
أهل السنة والجماعة
السُنَّة في اللغة: السنَّة في اللغة مشتقة من: سنَّ يَسِنُّ،
ويَسُنُّ سنًّا، فهو مسنُون، وسنَّ الأمر: بيَّنه.
والسنَّة: الطريقةُ والسِيرة، حسنَّةً كانت أم قبيحة[8].
ومنه قول النبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتبعُن
سنن من كان قبلكُم، شِبرًا شِبرًا وذِراعًا بِذِراعٍ، حتى لو دخلُوا جُحر ضبٍ تبِعتُمُوهُم))،
قُلنا: يا رسُول اللهِ، اليهُودُ والنصارى؟ قال: ((فمن))[9]،
سنن من كان قبلكم؛ أي: طريقتهم في الدِين والدنيا.
وقوله: ((من سن فِي الإِسلامِ سُنةً حسنَّةً، فلهُ أجرُها،
وأجرُ من عمِل بِها بعدهُ، مِن غيرِ أن ينقُص مِن أُجُورِهِم شيءٌ، ومن سن فِي الإِسلامِ
سُنةً سيِئةً، كان عليهِ وِزرُها ووِزرُ من عمِل بِها مِن بعدِهِ، مِن غيرِ أن ينقُص
مِن أوزارِهِم شيءٌ))[10]؛
أي: سار سيرة.
السنَّة في الاصطلاح: الهديُ الذي كان عليه
رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه، علمًا، واعتقادًا، وقولاً، وعملاً،
وتقريرًا.
وتُطلق السُنة أيضًا على سُننِ العبادات والاعتقادات، ويقابل
السنَّة: البدعة؛ قال النبِيُ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((.... فإِنهُ من يعِش
مِنكُم بعدِي فسيرى اختِلافًا كثِيرًا، فعليكُم بِسُنتِي وسُنةِ الخُلفاءِ المهدِيِين
الراشِدِين، تمسكُوا بِها وعضُوا عليها بِالنواجِذِ، وإِياكُم ومُحدثاتِ الأُمُورِ،
فإِن كُل مُحدثةٍ بِدعةٌ، وكُل بِدعةٍ ضلالةٌ))[11].
الجماعة في اللغة:
أصلها من الجمع والجمعُ: تألِيفُ المُتفرِقِ، والجمعُ: ضمُ
الشيءِ بتقرِيبِ بعضِه مِن بعضٍ. يُقالُ: جمعتُه فاجتمع.
ومشتقة من الاجتماع، وهو ضد التفرُق، وضد الفرقة.
والجماعة: العدد الكثير من الناس، وهي أيضًا طائفة من الناس
يجمعها غرض واحد.
والجماعة: هم القوم الذين اجتمعوا على أمرٍ ما[12].
الجماعة في الاصطلاح: جماعة المسلمين، وهم سلفُ
هذه الأُمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهُم بإِحسان إِلى يوم الدِين؛ الذين اجتمعُوا
على الكتاب والسنَّة، وساروا على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم
- ظاهرًا وباطنًا.
وقد أمر اللهُ تعالى عباده المؤمنين وحثهم على الجماعة والائتلاف
والتعاون ونهاهم عن الفرقة والاختلافِ والتناحر؛ فقال: {واعتصِمُوا بِحبلِ اللهِ جمِيعًا
ولا تفرقُوا} [آل عمران: 103]، وقال: {ولا تكُونُوا كالذِين تفرقُوا واختلفُوا مِن
بعدِ ما جاءهُمُ البيِناتُ} [آل عمران: 105]، وقال النبيُ صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
((ألا إِن من قبلكُم مِن أهلِ الكِتابِ افترقُوا على ثِنتينِ وسبعِين مِلةً، وإِن هذِهِ
المِلة ستفترِقُ على ثلاثٍ وسبعِين: ثِنتانِ وسبعُون فِي النارِ، وواحِدةٌ فِي الجنةِ،
وهِي الجماعةُ))[13] وقال:
((عليكُم بِالجماعةِ وإِياكُم والفُرقة فإِن الشيطان مع الواحِدِ وهُو مِن الِاثنينِ
أبعدُ، من أراد بُحبُوحة الجنةِ فليلزمُ الجماعة، من سرتهُ حسنتُهُ وساءتهُ سيِئتُهُ
فذلِك المُؤمِنُ»[14] وقال
الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "الجماعةُ ما وافق الحق، وإِن
كُنت وحدك"[15]،
وقال نعيم بن حماد: "إذا فسدت الجماعة، فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد،
وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ"3[16].
فأهلُ السُنةِ والجماعة:
هم الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، ومن سلك سبيلهم، وسار على
نهجهم، في الاعتقاد والقول والعمل، والذين استقاموا على الاتباع وجانبوا الابتداع،
فيَخرج بهذا المعنى كل طوائف المبتدعة وأهل الأهواء.
فالسنَّة هنا في مقابل البدعة، والجماعة هنا في مقابل الفُرقة.
والجدير بالذكر هنا أن نَعرف أن بعض العلماء يستعملون هذه
العبارة لمعنيين؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلفظ أهل السنَّة يراد به:
1- من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فيدخل في ذلك جميع الطوائف
إلا الرافضة.
2- وقد يراد به أهل الحديث والسنَّة المحضة، فلا يدخل فيه
إلا من يُثبِت الصفات لله تعالى ويقول: "إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يُرى في
الآخرة، ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنَّة"[17].
ومقصودنا بعبارة أهل السنَّة هو المعنى الثاني الذي ذكره
شيخ الإسلام ابن تيمية؛ ذلك أن لأهل السنَّة أصولهم التي اتفقوا عليها ونصوا عليها
في كتب الاعتقاد المعروفة.
ولأهل السنَّة عدة مسميات منها: أهل الحديث، الفرقة الناجية،
الجماعة، وغير ذلك[18].
الأصل الأول:
اتباع الوحي
الوحي في اللغة هو: الإشارة، الإلهام والكلام
الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك[19],
وقد يضيف البعض قيدا إلى ذلك فيقول: هو الإعلام الخفي السريع.
وعند الأصوليين: إعلام الله تعالى أنبياءه ورسله بشرع ليَعملوا به ويُبلِّغوه
للناس، فنزِّلَت شريعة التوراة على موسى، ونُزِّل الإنجيل على عيسى, ونُزِّل القرآن
على محمد - صلى الله عليه وسلم[20].
وقد تمثلت هذه القاعدة
في عدة أمور:
1- أن هذا الدين كامل؛ فالله - تبارك وتعالى
- يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3]، ويقول أيضًا: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
[النحل: 89]، وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي
بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:16].
يقول ابن تيمية - رحمه الله - بعد ذكرِه لهذه الآيات وغيرها:
"ومثل هذا في القرآن كثير، مما يبين الله فيه أن كتابه مبين للدين كله، موضِّح
لسبيل الهدى، كافٍ لمن اتبَعه، لا يحتاج معه إلى غيره، يجب اتباعه دون اتباع غيره من
السبل"[21].
ومسألة كمال الدين من المسائل المهمة في بيان منهج أهل
السنَّة والجماعة، فقد انطلقوا بقوة من هذا المُنطلَق، وهذا لا يعني أنه لم يكن في
عهد الصحابة ومن بعدهم ديانات ومذاهب، بل كانت موجودة، لكن من الذى يلتفتُ إليها وهو
مقتنِع تمام الاقتناع بكمال ما لدَيه من كتاب وسنة وأنَّ فيهما ما يُغني ويَكفي، وأن
ما فيهما حق وصدق لا يأتيه الباطل أبدًا؟!
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، وقال تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:41،42]، وقال تعالى: {الر
كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:1]،
وقال: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [لقمان:2].
وفي القرآن من دلائل الربوبية والنبوة والمعاد ما لا يوجد
في كلام أحد من العباد، ففيه أصول الدين المفيدة لليقين، وهو أصول دين الله لا أصول
دين مُحدَث ورأي مُبتدَع"[22].
2- الاعتقاد الجازم أنه لا يتحقَّق رضا الله - تبارك وتعالى -
والفوز بجنَّته والنجاة من عذابه إلا بالإيمان بهما والعمل بما جاءا به، وما يترتب
على هذا من وجوب أن يعيش المسلم حياته كلها اعتقادًا وعملاً وسلوكًا، مستمسكًا ومُعتصمًا
بهما، لا يزيغ عنهما ولا يتعدى حدودهما، ومن مستلزمات هذا أن يُتحاكم إليهما عند التنازع
والاختلاف؛ قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ
وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59]، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ
حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65]، ولقد تربَّى الصحابة
على ذلك، فعاشوا لا يَلتفِتُون إلى غير الكتاب والسنَّة، وكان رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يُحذِّرهم كل التحذير من أن يلتفتوا إلى كتب السابقين التي نزلت على الأنبياء
ودخلها التحريف- فضلاً عن غيرها من كتب الفلاسفة والملاحدة - فقد روى عبدالله بن ثابت
قال: جاء عمر بن الخطاب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني
مررتُ بأخٍ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوارة ألا أعرضها عليك؟! قال: فتغير وجه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عبدالله: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله
- صلى الله عليه وسلم؟! فقال عمر: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى
الله عليه وسلم - رسولا، قال: فسرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: ((والذي
نفسى بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتُم، إنَّكم حظِّي من الأمم،
وأنا حظُّكم من النبيين))[23]، وفي رواية جابر أنه قال
لما غضب على عمر: ((أمتهوِّكون[24]
فيها يا ابن الخطاب، والذى نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء
فيخبروكم بحق فتُكذِّبوا به، أو بباطل فتصدِّقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى- عليه
السلام - كان حيًّا ما وسعه إلا أن يتَّبعني))[25].
والاستغناء بالكتاب والسنة والاعتماد عليهما نابع من اليقين
القاطع أن ما جاء به فهو حق وصدْق؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بتصرُّف: "وأما
خبر الله ورسوله فهو صدق، موافق لما الأمر عليه في نفسه، لا يَجوز أن يكون شيء من أخباره
باطلاً، ولا مُخالفًا لما عليه في نفسه، ويعلم من حيث الجملة أن كل ما عارض شيئًا من
أخباره وناقضه فإنه باطل، وإن كان العالم بذلك لا يعلم وجه بطلان تلك الحُجج المُعارضة
لأخباره، وهذه حال المؤمنين للرسول الذين علموا أن رسول اللة الصادق فيما يخبر به،
ويعلمون مِن حيث الجُملة أن ما ناقض خبره فهو باطل، وأنه لا يجوز أن يُعارض
خبره دليل صحيح لا عقلي ولا سمعي..."[26].
3- وجوب تقديم الشرع على العقل عند توهم التعارض؛ لأنه في الحقيقة والواقع
لا يمكن أن يتعارض النقل الصحيح مع العقل الصريح، ولقد كان تقديم ما في كتاب الله وسنة
رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ما فى غيرهما من معقول أو غيره مما يُعارضها من مسلَّمات
منهج أهل السنَّة والجماعة.
وليس هذا موضع تفصيل الأدلة لذلك، ولكن نشير إلى أن الأنبياء
أعلم بالله وأسمائه وصفاته واليوم الآخر من غيرهم فيجب رد الأمر إليهم، وهذا كما أن
العامة يردون ما يختلفون فيه مما يتعلق بالطب وغيره من أمور الدنيا إلى من هو أعلم
به منهم، "وإذا كان الأمر كذلك فإذا علم الإنسان بالعقل أن هذا رسول الله، وعلم
أنه أخبر بشيء، ووجد في عقله ما ينازعه في خبره، كان عقله يوجب عليه أن يسلِّم موارد
النزاع إلى من هو أعلم به منه، وألا يقدم رأيه على قوله، ويعلم أن عقله قاصر بالنسبة
إليه، وأنه أعلم بالله وأسمائه وصفاته واليوم الآخر منه، وأن التفاوت الذي بينهما في
العلم بذلك أعظم من التفاوت الذي بين العامة وأهل العلم بالطب"[27].
الأصل
الثاني:
اتباع السنة النبوية
وهذه من الأصول الكبرى في أهل السنَّة تميَّزوا بها عن كثير
من أهل الأهواء والبدع؛ يقول ابن تيمية: "أهل الحق والسنَّة لا يكون
متبوعُهم إلا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فهو الذي يجب تصديقُه في كل ما
أخبر، وطاعتُه في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة"[28].
وقد كان اعتمادهم على السنَّة، وتعظيمهم لها مبنيًّا على أمور؛ منها:
أ- أن من مقتضيات شهادة أن محمدًا رسول الله، التي لا يتم الإيمانُ إلا بها: وجوبَ تصديقِه فيما أخبر، سواء كان عن الله، أو صفاته، أو مخلوقاته، أو ما يُستقبل من أمور الآخرة، وغيرها من الغيبيات.
ب- أن أعرف العباد بما يصلح لهم هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أرحم بهم من أنفسهم.
ج- أن الرسول بلَّغ جميعَ ما أُنزل إليه من ربه، وهو - صلى اله عليه وسلم - لم يَكتم شيئًا من ذلك، وأنه - عليه الصلاة والسلام - قد بلَّغ ذلك أتمَّ بلاغٍ وأبيَنَه، حتى ترك أمَّتَه على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فما من خير إلا ودلَّ أمتَه عليه، وما من شر إلا وحذَّرها منه.
وقد تمثَّلت هذه الأمورُ السابقة في موقف السلف من السنة، وتعظيمهم لها، وذلك بكونها وحيًا من الله - تعالى - وبكونه - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، وبدا هذا واضحًا من خلال:
1- الخضوع لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا صحَّ، وتعظيمُه، وعدم الاعتراض عليه بأي نوع من أنواع الاعتراض، فلا تحلُّ معارضتُه بذوقٍ، أو وجْدٍ، أو رأي، أو قياس، ونحوه.
يقول الشافعي - رحمه الله -: "لم أسمع أحدًا نسبه الناسُ - أو نسب نفسه - إلى علمٍ يخالف في أن فرض الله - عز وجل - اتِّباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتسليم لحكمه، بأن الله - عز وجل - لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال، إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن ما سواهما تبعٌ لهما، وأنَّ فرْضَ الله - تعالى - علينا، وعلى من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد".
2- اعتمادهم على الأحاديث الصحيحة، ونبذ الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فأوجبوا التحقُّق من الأحاديث قبل الاحتجاج بها؛ حتى لا يُنسب إلى دين الله ما ليس منه.
3- حجية خبر الآحاد في العقيدة، إذا صحَّ وتلقتْه الأمة بالقبول، وهذا من المعالم الرئيسية لمنهَج أهل السنَّة، والقول بأن أخبار الآحاد لا تفيد العلم، ومن ثَم فلا يُحتَجُّ بها في العقيدة، بدعةٌ أحدثتْها المعتزلةُ، وتلقَّفها بعض العلماء من المنتسبين إلى السنَّة - دون بحث أو تمحيص لمآلات هذه المقالة - وخاصة في كتبهم في أصول الفقه في مباحث أدلة الأحكام، بينما لو تتبعنا نصوص السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لوجدنا شِبه إجماع منهم على عدم التفريق في أخبار الآحاد بين الأحكام والعقائد.
يقول ابن تيمية: "فالخبر الذي تلقَّاه الأئمةُ بالقبول، تصديقًا له، أو عملاً بموجبه، يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف، وهذا في معنى المتواتر"[29].
يقول ابن أبي العز: "وخبر الواحد إذا تلقتْه الأمة بالقبول، عملاً به، وتصديقًا له، يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة، وهو أحد قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاعٌ"[30].
يقول صديق حسن خان: "والخلاف في إفادة خبر الآحاد الظنَّ أو العلم تقيَّد بما إذا لم يُضمَّ إليه ما يقويه، أما إذا انضم إليه ما يقويه، أو كان مشهورًا، أو مستفيضًا، فلا يجري فيه الخلاف المَذكور، ولا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماعُ على العمل بمقتضاه، فإنه يفيد العلم؛ لأن الإجماع عليه قد صيَّره من المعلوم صدقُه، وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول، فكانوا بين عامل به، ومتأول له، ومن هذا القسم أحاديث صحيحي البخاري ومسلم"[31].
فلم يكن السلف الصالح يفرِّقون بين خبرٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآخرَ، بدعوى أنه آحاديّ، أو متكاثر الورود، تفريقًا يؤثِّر في العمل والعلم والاعتقاد، واستمرَّ هذا في أهل السنة والجماعة، أهل الحديث والأثر، إلى يومنا هذا، وإلى أن يشاء الله، يدلُّ على هذا تخريج أئمة أهل السنة كمالك وأحمد، والبخاري ومسلم، وأبي داود والترمذي، والنسائي والدارمي، وغيرهم، للأحاديث المثبِتة للعقائد في مدوناتهم، فمتى صح الحديث، وتُلُقِّي بالقبول، وجب العملُ والاعتقاد به ولزم.
وقد كان اعتمادهم على السنَّة، وتعظيمهم لها مبنيًّا على أمور؛ منها:
أ- أن من مقتضيات شهادة أن محمدًا رسول الله، التي لا يتم الإيمانُ إلا بها: وجوبَ تصديقِه فيما أخبر، سواء كان عن الله، أو صفاته، أو مخلوقاته، أو ما يُستقبل من أمور الآخرة، وغيرها من الغيبيات.
ب- أن أعرف العباد بما يصلح لهم هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أرحم بهم من أنفسهم.
ج- أن الرسول بلَّغ جميعَ ما أُنزل إليه من ربه، وهو - صلى اله عليه وسلم - لم يَكتم شيئًا من ذلك، وأنه - عليه الصلاة والسلام - قد بلَّغ ذلك أتمَّ بلاغٍ وأبيَنَه، حتى ترك أمَّتَه على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فما من خير إلا ودلَّ أمتَه عليه، وما من شر إلا وحذَّرها منه.
وقد تمثَّلت هذه الأمورُ السابقة في موقف السلف من السنة، وتعظيمهم لها، وذلك بكونها وحيًا من الله - تعالى - وبكونه - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، وبدا هذا واضحًا من خلال:
1- الخضوع لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا صحَّ، وتعظيمُه، وعدم الاعتراض عليه بأي نوع من أنواع الاعتراض، فلا تحلُّ معارضتُه بذوقٍ، أو وجْدٍ، أو رأي، أو قياس، ونحوه.
يقول الشافعي - رحمه الله -: "لم أسمع أحدًا نسبه الناسُ - أو نسب نفسه - إلى علمٍ يخالف في أن فرض الله - عز وجل - اتِّباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتسليم لحكمه، بأن الله - عز وجل - لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال، إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن ما سواهما تبعٌ لهما، وأنَّ فرْضَ الله - تعالى - علينا، وعلى من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد".
2- اعتمادهم على الأحاديث الصحيحة، ونبذ الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فأوجبوا التحقُّق من الأحاديث قبل الاحتجاج بها؛ حتى لا يُنسب إلى دين الله ما ليس منه.
3- حجية خبر الآحاد في العقيدة، إذا صحَّ وتلقتْه الأمة بالقبول، وهذا من المعالم الرئيسية لمنهَج أهل السنَّة، والقول بأن أخبار الآحاد لا تفيد العلم، ومن ثَم فلا يُحتَجُّ بها في العقيدة، بدعةٌ أحدثتْها المعتزلةُ، وتلقَّفها بعض العلماء من المنتسبين إلى السنَّة - دون بحث أو تمحيص لمآلات هذه المقالة - وخاصة في كتبهم في أصول الفقه في مباحث أدلة الأحكام، بينما لو تتبعنا نصوص السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لوجدنا شِبه إجماع منهم على عدم التفريق في أخبار الآحاد بين الأحكام والعقائد.
يقول ابن تيمية: "فالخبر الذي تلقَّاه الأئمةُ بالقبول، تصديقًا له، أو عملاً بموجبه، يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف، وهذا في معنى المتواتر"[29].
يقول ابن أبي العز: "وخبر الواحد إذا تلقتْه الأمة بالقبول، عملاً به، وتصديقًا له، يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة، وهو أحد قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاعٌ"[30].
يقول صديق حسن خان: "والخلاف في إفادة خبر الآحاد الظنَّ أو العلم تقيَّد بما إذا لم يُضمَّ إليه ما يقويه، أما إذا انضم إليه ما يقويه، أو كان مشهورًا، أو مستفيضًا، فلا يجري فيه الخلاف المَذكور، ولا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماعُ على العمل بمقتضاه، فإنه يفيد العلم؛ لأن الإجماع عليه قد صيَّره من المعلوم صدقُه، وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول، فكانوا بين عامل به، ومتأول له، ومن هذا القسم أحاديث صحيحي البخاري ومسلم"[31].
فلم يكن السلف الصالح يفرِّقون بين خبرٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآخرَ، بدعوى أنه آحاديّ، أو متكاثر الورود، تفريقًا يؤثِّر في العمل والعلم والاعتقاد، واستمرَّ هذا في أهل السنة والجماعة، أهل الحديث والأثر، إلى يومنا هذا، وإلى أن يشاء الله، يدلُّ على هذا تخريج أئمة أهل السنة كمالك وأحمد، والبخاري ومسلم، وأبي داود والترمذي، والنسائي والدارمي، وغيرهم، للأحاديث المثبِتة للعقائد في مدوناتهم، فمتى صح الحديث، وتُلُقِّي بالقبول، وجب العملُ والاعتقاد به ولزم.
الأصل الثالث:
الاعتماد على فهم
الصحابة والتابعين للعقيدة
فالصحابة أعلم الناس بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالعقيدة؛ لذلك فأقوالُهم
وتفاسيرهم للنصوص حجةٌ؛ لأنهم قد اكتمل فيهم الفهمُ والمعرفة لأصول الدِّين التي
دل عليها كتاب الله المنزل، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - المطهرة.
قال أحمد بن حنبل: "أصول السنة عندنا: التمسكُ بما عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاقتداءُ بهم، وتركُ البدع، وكل بدعة فهي ضلالة"[32].
قال الأوزاعي: "اصبر نفسك على السنَّة، وقِفْ حيث وقف القوم، وقُلْ بما قالوا، وكُفَّ عما كفُّوا عنه، واسلُكْ سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك ما وسعهم"[33].
قال ابن رجب: "فمَن عرَف قدر السلف، عرف أن سكوتهم عمَّا سكتوا عنه من ضروب الكلام، وكثرةِ الجدل والخصام، والزيادةِ في البيان على مقدار الحاجة، لم يكن عيًّا، ولا جهلاً، ولا قصورًا؛ وإنما كان ورعًا، وخشية لله، واشتغالاً عما لا ينفع بما ينفع"[34].
ولقد تميَّز الصحابة في العقيدة وفهمها بعدة مميزات؛ أهمها:
أ - أنهم شاهَدُوا التنزيل، وعاشوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلقَّى هذا الوحي من ربِّه، الذي ينزل عليه مفرَّقًا حسب الوقائع والأحداث.
ب - أنهم أكثرُ الناس فهمًا لرسالته - صلى الله عليه وسلم - وما يتعلَّق بها من أحكام، سواء في العقيدة أو الشريعة، فهم العارفون بدقائقها، المُدرِكون لحقائقها، وهم أكمل الناس علمًا وعملاً.
ج - لم يكن بينهم خلاف في أصول الاعتقاد التي تلقَّوها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الأمور اليسيرة التي اختلفوا فيها في هذا الباب، فهي من سنن الاعتقاد؛ كرؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ليلةَ الإسراء والمعراج، هل كانت بقلبه أو بعينه؟ وهي لا تؤثِّر في هذه القاعدة العامة؛ لأن الخلاف فيها لا يعود على أصلٍ بالإبطال، وكان لها أسباب، منها أن يكون لبعض الصحابة من العِلم ما ليس عند الآخر؛ لكنهم - رضي الله عنهم - إذا جاءهم الدليل، خضعوا له بلا تردُّدٍ.
د - كان الصحابة يَسألون عما يُشْكِل عليهم، وهذا مشهور عنهم - رضي الله عنهم - فأمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - روي عنها أنها "كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه، إلا راجعتْ فيه؛ حتى تعرفه"[35].
قال أحمد بن حنبل: "أصول السنة عندنا: التمسكُ بما عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاقتداءُ بهم، وتركُ البدع، وكل بدعة فهي ضلالة"[32].
قال الأوزاعي: "اصبر نفسك على السنَّة، وقِفْ حيث وقف القوم، وقُلْ بما قالوا، وكُفَّ عما كفُّوا عنه، واسلُكْ سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك ما وسعهم"[33].
قال ابن رجب: "فمَن عرَف قدر السلف، عرف أن سكوتهم عمَّا سكتوا عنه من ضروب الكلام، وكثرةِ الجدل والخصام، والزيادةِ في البيان على مقدار الحاجة، لم يكن عيًّا، ولا جهلاً، ولا قصورًا؛ وإنما كان ورعًا، وخشية لله، واشتغالاً عما لا ينفع بما ينفع"[34].
ولقد تميَّز الصحابة في العقيدة وفهمها بعدة مميزات؛ أهمها:
أ - أنهم شاهَدُوا التنزيل، وعاشوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلقَّى هذا الوحي من ربِّه، الذي ينزل عليه مفرَّقًا حسب الوقائع والأحداث.
ب - أنهم أكثرُ الناس فهمًا لرسالته - صلى الله عليه وسلم - وما يتعلَّق بها من أحكام، سواء في العقيدة أو الشريعة، فهم العارفون بدقائقها، المُدرِكون لحقائقها، وهم أكمل الناس علمًا وعملاً.
ج - لم يكن بينهم خلاف في أصول الاعتقاد التي تلقَّوها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الأمور اليسيرة التي اختلفوا فيها في هذا الباب، فهي من سنن الاعتقاد؛ كرؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ليلةَ الإسراء والمعراج، هل كانت بقلبه أو بعينه؟ وهي لا تؤثِّر في هذه القاعدة العامة؛ لأن الخلاف فيها لا يعود على أصلٍ بالإبطال، وكان لها أسباب، منها أن يكون لبعض الصحابة من العِلم ما ليس عند الآخر؛ لكنهم - رضي الله عنهم - إذا جاءهم الدليل، خضعوا له بلا تردُّدٍ.
د - كان الصحابة يَسألون عما يُشْكِل عليهم، وهذا مشهور عنهم - رضي الله عنهم - فأمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - روي عنها أنها "كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه، إلا راجعتْ فيه؛ حتى تعرفه"[35].
الأصل الرابع:
عدم الخوض في علم
الكلام والفلسفة
ومن أصول أهل السنة والجماعة عدم الخوض في علم الكلام والفلسفة،
والاقتصار في بيان وفهم العقيدة على ما في الكتاب والسنة، وقد تجلي هذا في منهج السلف
من خلال عدة أمور:
أ) الحرص على العلم النافع مع العمل؛ فالعلم علمان: علم نافع
يولد عملاً، وينفع صاحبه فى الدنيا والآخرة، وعلم غير نافع، لا ينفع صاحبه في الدنيا
أو لا ينفع صاحبه في الآخرة، "ولذلك جاءت السنَّة بتقسيم العلم إلى نافع وغير
نافع، والاستعاذة من العلم الذي لا ينفع، وسؤال العلم النافع، ففي صحيح مسلم عن زيد
بن أرقم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا
ينفع ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها))[36]،
وقال معروف الكرخي: "إذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب
الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرًّا أغلق عنه باب العمل وفتح له باب الجدل"[37].
ب - النهي عن البِدَع، ومن ذلك علم الكلام، وقد كان موقف
السلف، واضحًا ومشهورًا من علم الكلام، فقد ورد أن عمر- رضي الله عنه - لما علم أن
صُبيغ ابن عسل يتتبع متشابه الكلام ويسأل عنه، ضربه ونفاه إلى البصرة[38]،
وحدث يزيد بن هارون بحديث الرؤية، فقال له رجل: يا أبا خالد، ما معنى هذا الحديث؟ فغضَب،
وقال: ما أشبهَكَ بصبيغ وأحوجَك إلى مثل ما فعل به[39]!
وعمر- رضي الله عنهـ روي أن عمر- رضي الله عنه - قال: "إنه سيأتي أناس يجادلونكم
بشبهات القرآن فخذوهم بالسُّنَن، فإنَّ أصحاب السنن أعلم بكتاب الله "[40].
وقد استمر السلف على هذا المنهج من التحذير من البدع وعلم
الكلام وما عليه أهل الأهواء، واشتهر هذا الموقف من علم الكلام، ومِن المَنطِق عن أعلام
السنَّة - رحمهم الله - وصارت دواوين السنَّة تَذكُر كثيرًا من الآثار عنهم في موقفهم
هذا.
وموقف السلف من علم الكلام ليس لأنهم عجزوا أو جهلوا أو شغلوا
عنه - كما يحلو للبعض أن يفسر ذلك – وذلك لأنَّ منهج علم الكلام يقوم على أسس غريبة
على المنهج الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأية محاولة للعودة
بالمسلمين إلى الإسلام فلابد أن تكون أولى مسلماته العودة إلى صفاء العقيدة وتخليصها
مما ران عليها من شوائب علم الكلام والفلسفة[41].
جـ - الرد على المنحرفين وأصحاب الأهواء بمنهج متميز، فأهل
السنة لما حذروا من المنطق ومن علم الكلام لم يكتفوا بهذا، وإنما ردوا وناقشوا أصحاب
البدع بالأدلة النقلية والعقلية المبنية على الكتاب والسنة.
وكانوا أصحاب منهج واضِح، مُقنِع، وليس كما يزعم بعض أهل
الكلام من أن السلف أو أهل الحديث لا يَعرفون الرد ومجادلة الخصوم.
وإذا كان مصدر السلف الأول هو كتاب الله وفيه الحُجَج والبراهين
الدامغة، فكيف يَخطر على البال أنهم يعجزون عن المناقشة والرد على أهل البدع؟ أما إن
كان القصد المناقشة ببدع وأصول أهل الكلام فلا ريب أن أهل السنَّة بعيدون عنها ولا
يَعرفونها؛ لأنهم في غنى عنها، لكن مَن عاش منهم مع أهل الكلام، ثم رجع إلى منهج ومذهب
أهل الحديث فهذا قد تكون له خبرة بهم، ولذلك قال نعيم بن حماد - الذى امتحن في مسألة
القرآن فأبى أن يجيب، فحبس ومات في السجن- يقول عن نفسه: "أنا كنت جهميًّا، ولذلك
عرفت كلامهم، فلما طلبت الحديث عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل "[42].
وأهل السنَّة لم ينهوا
عن جنس النظر والاستدلال، ولكن معارضتهم تركزت على الأساليب الكلامية المبنية على غير
الكتاب والسنة.
الأصل الخامس:
الجمع بين أطراف
الأدلة
يوجب منهج أهل السنَّة
الرجوع إلى النصوص الواردة في مسألة معيَّنة وجمعها، وعدم الاقتصار على بعضها،
فجمعُ النصوص: يفصِّل المجمَلَ، ويبيِّن المبهَمَ، ويرفع التشابُه، ويحكم النص،
ويفسر النص على مراد الله ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا على أهواء البشر
وآرائهم؛ قال أحمد بن حنبل: "الحديث إذا لم تجمع طرقه، لم تفهمه، والحديث
يفسر بعضُه بعضًا"[43].
يقول الشاطبي: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرْف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضمِّ أطرافها بعضها لبعض؛ فإن مأخذَ الأدلة عند الأئمة الراسِخين إنما هو أن تؤخذ الشريعةُ كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها"[44].
يقول الشاطبي: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرْف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضمِّ أطرافها بعضها لبعض؛ فإن مأخذَ الأدلة عند الأئمة الراسِخين إنما هو أن تؤخذ الشريعةُ كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها"[44].
الأصل السادس:
ردُّ
المتشابه للمحكَم وليس العكس
اتَّفق أهل السنة والجماعة على:
"مُوافَقة طريقة السلف من الصحابة والتابعين، وأئمة الحديث والفقه؛ كالإمام
أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والبخاري، وإسحاق، وغيرهم، وهي ردُّ المتشابه
إلى المحكم، وأنهم يأخذون من المحكم ما يفسِّر لهم المتشابهَ ويبيِّنُه لهم، فتتفق
دلالتهم مع دلالة المحكم، وتوافق النصوصُ بعضُها بعضًا، ويصدِّق بعضُها بعضًا؛
فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله، فلا اختلاف فيه ولا تناقُض؛ وإنما
الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره"[45].
فالمعيار لمن أراد صحَّة الانتساب لمنهج أهل السنة والجماعة، والسير على دربهم، والاقتداء بهدْيهم: أن يتبع منهجهم، سواء في أصول الاعتقاد، أو أصول الاستدلال، ولا يخرج عن نهجهم بأصول في الاعتقاد مُبتدَعة، أو أصول في الاستدلال منحرفة.
فالمعيار لمن أراد صحَّة الانتساب لمنهج أهل السنة والجماعة، والسير على دربهم، والاقتداء بهدْيهم: أن يتبع منهجهم، سواء في أصول الاعتقاد، أو أصول الاستدلال، ولا يخرج عن نهجهم بأصول في الاعتقاد مُبتدَعة، أو أصول في الاستدلال منحرفة.
خاتمة
مما سبق يتبيَّن لنا الأصول الراسخة التي
بنى عليها أهل السنة منهجهم، وتتلخص في: "اتباع الوحي"، وهذا
الأصل منبثق عن يقينهم أن هذا الدين كامل، ثم اعتقادهم الجازم أن رضا الله - تبارك
وتعالى - والفوز بجنَّته والنجاة من عذابه لا يتحقَّق إلا بالإيمان بالقرآن والسنة
والعمل بما جاء فيهما، ثم وجوب تقديم الشرع على العقل عند توهم التعارض.
ثم يأتي الأصل الثاني: "اتباع السنة
النبوية"، وقد كان اعتمادهم على السنَّة، وتعظيمهم لها مبنيًّا على أمور؛ منها:
أن ذلك من مقتضيات شهادة أن محمدًا رسول الله، وأن أعرف العباد بما يصلح لهم هو
رسولُ الله، ثم علمهم أنَّ الرسول بلَّغ جميعَ ما أُنزل إليه من ربه.
ثم كان الأصل الثالث، وهو "الاعتماد على فهم الصحابة
والتابعين"؛ وذلك لأنهم شاهَدُوا التنزيل، وأنهم أكثرُ الناس فهمًا للرسالة، وأنهم لم يكن
بينهم خلاف في أصول الاعتقاد، وكان الصحابة يَسألون النبيَّ - صلى الله عليه وسلم
- عما يُشْكِل عليهم.
ثم الأصل الرابع، وهو أصل مميِّز لهم عن غيرهم،
ألا وهو "عدم الخوض في علم
الكلام والفلسفة"، وذلك لأنهم كانوا يحرصون على العِلم النافع مع العمل
الصالح،
ومن أجل ذلك نهوا عن سائر البدع،
وردوا على المنحرفين وأصحاب الأهواء.
والأصل الخامس عندهم: الجمع بين أطراف الأدلة، ثم كان الأصل السادس
وهو: ردُّ المتشابه للمحكَم وليس العكس.
هذا والحمد لله أولاً وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا،
والحمد لله رب العالمين.
فهرس المصادر والمراجع
-
الأثري؛
عبدالله بن عبدالحميد: الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة،
مراجعة وتقديم: صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة
والإرشاد - المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1422هـ.
- الآجُرِّيُّ البغدادي؛ أبو بكر محمد بن الحسين
بن عبدالله (المتوفى: 360هـ): الشريعة، تحقيق: الدكتور عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي،
دار الوطن - الرياض / السعودية، الطبعة الثانية، 1420 هـ - 1999 م.
- الأشقر: د. عمر بن سليمان بن عبدالله:
العقيدة في الله - الجزائر 1989، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة: الثانية
عشر، 1419 هـ - 1999 م.
- الأصبهاني؛ أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق بن
موسى بن مهران (المتوفى: 430هـ): حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، مطبعة السعادة، مصر،
1394هـ - 1974م.
- البخاري؛ محمد بن إسماعيل أبو عبدالله:
الجامع المسند الصحيح "صحيح البخاري"، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر،
دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ.
- البوطي؛ د. محمد سعيد: كبرى اليقينيات
الكونية، دار الفكر، دمشق، 1402هـ.
- البيهقي؛ أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي
الخراساني، أبو بكر (المتوفى: 458هـ): شعب الإيمان، حقَّقه وراجع نصوصه وخرج
أحاديثه: الدكتور عبدالعلي عبدالحميد حامد، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار
أحمد الندوي، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي
بالهند، الطبعة الأولى، 1423 هـ - 2003 م.
- الترمذي؛ محمد بن عيسى بن سَوْرة
بن موسى بن الضحاك، أبو عيسى (المتوفى: 279هـ): سنن الترمذي، تحقيق وتعليق:
أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبدالباقي، وإبراهيم عطوة عوض، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى
البابي الحلبي - مصر، الطبعة الثانية، (1395 هـ - 1975 م).
- ابن تيمية؛ تقي الدين أبو العباس
أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني
الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ):
- منهاج السنة النبوية
في نقض كلام الشيعة القدرية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد
بن سعود الإسلامية، الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986م.
- درء تعارض العقل والنقل، تحقيق: الدكتور محمد رشاد
سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية، الطبعة الثانية،
(1411 هـ - 1991 م).
- النبوات، تحقيق: عبدالعزيز
بن صالح الطويان، أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، (1420هـ/2000م).
- مجموع الفتاوى، جمعها: عبدالرحمن
بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية
السعودية، (1416هـ / 1995م).
- الجريتلي؛ الأستاذ: أبو مريم محمد: مقال: منهج
أهل السنة والجماعة في الاستدلال على مسائل العقيدة، وهو مقال منشور على شبكة
الألوكة الإلكترونية بتاريخ 11/6/2009 - 18/6/1430.
- الجليَنْد؛ الدكتور محمد السيد:
الوحي والإنسان - قراءة معرفية، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع (القاهرة).
- الجليَنْد؛ الدكتور محمد السيد، وعبدالفتاح أحمد الفاوي: محاضرات
في العقيدة الإسلامية، دار الهاني للطباعة.
- حلمي؛ الدكتور مصطفى محمد:
منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى،
1426 هـ.
- حنبكة؛ الشيخ عبدالرحمن: العقيدة
الإسلامية وأسسها، دار القلم، دمشق 1983.
- الخطيب البغدادي؛ أبو بكر أحمد
بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ): الجامع لأخلاق
الراوي وآداب السامع، تحقيق: د. محمود الطحان، مكتبة المعارف - الرياض.
- الدارمي؛ أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن
بن الفضل بن بَهرام بن عبدالصمد، التميمي السمرقندي (المتوفى: 255هـ): مسند الدارمي
المعروف بـ (سنن الدارمي)، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، دار المغني للنشر والتوزيع،
المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1412 هـ - 2000 م.
- الذهبي؛ شمس الدين أبو عبدالله
محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز (المتوفى: 748هـ): العرش، تحقيق: محمد بن خليفة
بن علي التميمي، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة
العربية السعودية، الطبعة الثانية، (1424هـ/2003م).
- الرازي؛ زين الدين أبو عبدالله
محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الحنفي (المتوفى: 666هـ): مختار الصحاح، تحقيق: يوسف
الشيخ محمد، المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت - صيدا، الطبعة الخامسة،
1420هـ / 1999م.
- ابن رجب الحنبلي؛ عبدالرحمن بن أحمد (المتوفى: 795هـ): فضل علم السلف على الخلف.
- الزَّبيدي؛ محمَّد بن محمَّد بن عبدالرزَّاق الحسيني،
أبو الفيض (المتوفى: 1205هـ): تاج العروس من جواهر القاموس، مجموعة من المحققين،
الناشر: دار الهداية.
- السَِّجِسْتاني؛ أبو داود سليمان بن الأشعث
بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي (المتوفى: 275هـ): سنن أبي داود، تحقيق: محمد
محيي الدين عبدالحميد، المكتبة العصرية، صيدا - بيروت.
- الشاطبي؛ إبراهيم بن موسى بن محمد
اللخمي الغرناطي (المتوفى: 790هـ): الموافقات، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، الطبعة الأولى،
1417هـ/ 1997م.
- أبو شامة؛ أبو القاسم شهاب الدين
عبدالرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي (المتوفى: 665هـ): الباعث على إنكار
البدع والحوادث، تحقيق: عثمان أحمد عنبر، دار الهدى - القاهرة، الطبعة الأولى، (1398
- 1978).
-
الشيباني؛ أبو عبدالله أحمد
بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد (المتوفى: 241هـ): المسند، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبدالله بن عبدالمحسن
التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1421 هـ - 2001 م.
- الصنعاني؛ أبو بكر عبدالرزاق بن همام
بن نافع الحميري اليماني (المتوفى: 211هـ): المصنَّف، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي،
المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثانية، 1403.
- عزام؛ د. عبدالله: العقيدة وأثرها في
الجيل، مكتبة الرسالة الحديثة، الطبعة الثالثة.
- ابن فارس؛ أحمد بن فارس بن زكرياء
القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ): معجم مقاييس اللغة، تحقيق:
عبدالسلام محمد هارون، دار الفكر، (1399هـ - 1979م).
- ابن قيم الجوزية؛ محمد بن أبي بكر بن أيوب
بن سعد شمس الدين (المتوفى: 751هـ): إعلام الموقعين، تحقيق: محمد عبدالسلام إبراهيم،
دار الكتب العلمية - ييروت، الطبعة الأولى، (1411هـ - 1991م).
- اللالكائي؛ أبو القاسم هبة الله بن
الحسن بن منصور الطبري الرازي (المتوفى: 418هـ): شرح أصول اعتقاد أهل السنة
والجماعة، تحقيق: أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي، دار طيبة - السعودية،
الطبعة الثامنة، 1423هـ / 2003م.
- مجمع اللغة العربية بالقاهرة: المعجم الوسيط، أعده: إبراهيم مصطفى، أحمد الزيات، حامد عبدالقادر، محمد النجار،
نشر: دار الدعوة.
- الندوة العالمية للشباب الإسلامي: عقيدة أهل السنة والجماعة، مقال منشور على الشبكة العنكبوتية.
- النسائي؛ أبو عبدالرحمن أحمد بن
شعيب بن علي الخراساني، (المتوفى: 303هـ): السنن الكبرى، تحقيق: حسن عبدالمنعم شلبي،
مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، (1421 هـ - 2001 م).
- النيسابوري؛ مسلم بن الحجاج أبو الحسن
القشيري (المتوفى: 261هـ): المسند الصحيح "صحيح مسلم"، تحقيق: محمد فؤاد
عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
- الهروي؛ أبو إسماعيل
عبدالله بن محمد بن علي الأنصاري (المتوفى: 481هـ): ذم الكلام وأهله، تحقيق: عبدالرحمن
عبدالعزيز الشبل، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1418هـ -
1998م.
[1] - المعجم الوسيط (2 / 614)، تاج العروس (8 / 394)، مادة عقد.
[2] د. عمر سليمان الأشقر: العقيدة في
الله ص10 – الجزائر 19889.
[3] الشيخ عبدالرحمن حنبكة: العقيدة
الإسلامية وأسسها ص33 دار القلم دمشق 1983.
[4] د. محمد سعيد البوطي: كبرى
اليقينيات الكونية ص70 , 71 دار الفكر دمشق 1402هـ.
[5] د. عبدالله عزام: العقيدة وأثرها
في الجيل ص20 مكتبة الرسالة الحديثة الطبعة الثالثة.
[6] انظر: العقيدة في الله (ص: 9)،
وراجع: الإيمان والحياة للدكتور يوسف القرضاوي , وتعريف عام بدين الإسلام للشيخ
علي الطنطاوي.
[7] د. محمود الخالدي: العقيدة وعلم
الكلام.
[8] - تاج العروس (35 / 230)، مادة سنن.
[9] - متفق عليه: صحيح البخاري (9 / 103)، صحيح مسلم
(4 / 2054).
[10] - صحيح مسلم (2 / 705).
[11] - سنن أبي داود (4 / 201).
[12] - تاج العروس (20 / 451)، مختار الصحاح (1 / 61)،
مقاييس اللغة (1 / 479)، مادة جمع.
[13] - سنن أبي داود (4 / 198).
[14] - سنن الترمذي ت شاكر (4 / 466)، السنن الكبرى للنسائي
(8 / 286).
[15] - الباعث على إنكار البدع والحوادث؛ لأبي شامة (المتوفى:
665هـ) (ص: 22).
[16] - الباعث لأبي شامة (ص: 22)، وإعلام الموقعين لابن
القيم (3 / 397).
[17] - منهاج السنَّة (2 / 221) ط: جامعة الإمام محمد
بن سعود.
[18] - انظر: الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة
والجماعة؛ لعبدالله بن عبدالحميد الأثري (1 / 36)، مقدمة كتاب العرش للذهبي، المحقق:
محمد بن خليفة بن علي التميمي(1 / 27).
[19] - مقاييس اللغة (6 / 93)، تاج العروس
(40 / 169)، مادة وحي.
[20] - الوحي والإنسان - قراءة معرفية؛
للدكتور محمد السيد الجليند (1 / 49).
[21] - درء تعارض العقل والنقل
(10 / 304).
[22] - النبوات؛ لابن تيمية (ص: 334) ط دار الكتب العلمية.
[23] - رواه الإمام أحمد في مسنده
(3 / 470 - 471) ، وعبدالرزاق الصنعاني في المصنف (6 / 113) ورقمه (10164).
[24] - يعني أمتحيِّرون.
[25] - رواه الإمام أحمد (3 / 387)،
والدارمي في سننه، باب ما يتقى من تفسير حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - (1 / 95)
ورقمه (441)، والبيهقي في شعب الإيمان (1 / 479) ط الدار السلفية في الهند.
[26] - درء تعارض العقل والنقل
(5 / 255).
[27] - درء تعارض العقل والنقل
(1 / 141)، وانظر: قواعد المنهج السلفي؛ للدكتور مصطفى حلمى (ص: 253 - 257).
[28] - مجموع الفتاوى (3 / 346).
[29] - مجموع الفتاوى (18 / 48).
[30] - شرح العقيدة الطحاوية (ص: 339،
340).
[31] - نقلاً عن العقيدة في الله؛ لعمر
سليمان الأشقر (ص: 60).
[32] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة
والجماعة؛ للالكائي (1 / 156).
[33] - ذم الكلام؛ للهروي، (ص: 315).
[34] - فضل علم السلف على علم الخلف؛
لابن رجب، (ص: 58).
[35] - رواه البخاري (103، كتاب العلم،
باب: من سمع شيئًا فلم يفهمه، فراجع فيه حتى يعرفه).
[36] - رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء،
ورقمه (2722).
[37] - رواه أبو نعيم في الحلية
(8 / 361) ، وابن الجوزى في مناقب معروف الكرخي (ص: 122 - 123).
[38] - روى هذه القصة: الدارمى
في سننه، رقم (46 1) ، والآجرى في الشريعة (ص: 73) ، واللالكائي في شرح السنة، رقم
(136 - 140)
[39] - عقيدة السلف للصابوني، رقم
(82).
[40] - رواه الدارمي رقم (121)
، واللالكائي رقم (202) ، والآجري في الشريعة (ص: 52).
[41] - انظر: بيان فضل علم السلف
لابن رجب (ص: 55-58) ، ومنهج علماء الحديث والسنة مصطفى حلمي (ص: 0 6- ا 6) ، ومنطق
ابن تيمية (ص: 277).
[42] - تاريخ بغداد (13 / 307)
، وتهذيب المزى (ص: 1420) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 597).
[43] - الجامع لأخلاق الراوي؛ للخطيب
البغدادي (2 / 212).
[44] - الموافقات (1 / 245، 246).
[45] - إعلام الموقعين (2 / 294).