الأوبئة سنة الله في خلقه وجند من جنود
الله يبعثه على من يشاء عذابا للكافرين ورحمة للمومنين. ولقد جاء الدين بحفظ
الضرورات الخمس فشرع ما يصونها وحرم ما يضرها ليعيش الإنسان حياة كريمة آمنا
مطمئنا. فتعلموا فقه الأوبئة والتمسوا أسباب الوقاية والعلاج فإن لكل داء دواء،
واحذروا التهويل والتهوين فإنهما ليسا من الدين في شيء.
1- الأوبئة جند من جنود الله
يبعثه الله عذابا للكافرين ورحمة للمومنين:
عائشة: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الطَّاعُونِ
فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ
اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ
الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ
يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ
شَهِيدٍ.
عبد الله بن عمر: أَقْبَلَ عَلَيْنَا
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَمَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا
ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ
الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ
الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ
الَّذِينَ مَضَوْا.
قال الله تعالى: {وَلَقَدَ اَرْسَلْنَا
إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَـهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ
لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}. الأنعام 42.
قال الله سبحانه: وَلَنُذِيقَنَّهُم
مِّنَ اَلْعَذَابِ اِلاَدْنَى دُونَ اَلْعَذَابِ اِلاَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ. السجدة 21.
2- أسباب الوقاية والعلاج:
حسن
التوكل على الله:
قال الله تعالى: {قُل لَّنْ يُّصِيبَنَا
إِلَّا مَا كَتَبَ اَللَّهُ لَنَا. هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اَللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ اِلْمُومِنُونَ}. التوبة 51.
قال الله سبحانه: {مَا أَصَابَ مِن
مُّصِيبَةٍ اِلَّا بِإِذْنِ اِللَّهِ. وَمَنْ يُّومِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ.
وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. التغابن 11.
أبو هريرة: لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ. فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ
يَرَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا
الظِّبَاءُ فَيَجِيءُ الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيُجْرِبُهَا
كُلَّهَا؟ قَالَ: فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ. متفق عليه.
سؤال
الله العافية:
أبو بكر الصديق: سَلُوا اللَّهَ
الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا
مِنَ الْعَافِيَةِ.
عبيد الله بن محصن: مَنْ أَصْبَحَ
مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ
فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا.
عبد الله بن عمر: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ
يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. اللَّهُمَّ
إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي
وَمَالِي. اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي. اللَّهُمَّ
احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي
وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.
الاستعاذة
من البلاء:
عبد الله بن خبيب: قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
عثمان بن عفان: مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ
فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ
يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرُّهُ شَيْءٌ.
أنس بن مالك: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ
بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ.
نظافة البدن:
قال الله تعالى: {إِنَّ اَللَّهَ
يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة 222.
عبد الله بن عمر: لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ
بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلاَ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ.
أبو هريرة: خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ:
الْخِتَانُ وَالاِسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ.
متفق عليه.
أبو أيوب الأنصاري: أَرْبَعٌ مِنْ
سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ الْحَيَاءُ وَالتَّعَطُّرُ وَالسِّوَاكُ وَالنِّكَاحُ.
أبو هريرة: إِذَا اسْتَيْقَظَ
أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا
ثَلاَثًا فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ. متفق عليه.
أبو هريرة: مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ
غَمَرٌ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ.
أبو سعيد الخدري: إِذَا تَثَاوَبَ
أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ.
أبو هريرة: أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ
إِذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ.
نظافة المكان:
سعد بن أبي وقاص: طَهِّرُواأَفْنِيَتَكُمْ
فَإنَّ الْيَهُودَ لا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا.
أبو ذر الغفاري: عُرِضَتْ عَلَيَّ
أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا
الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا
النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ.
معاذ بن جبل: اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ
الثَّلاَثَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ.
نظافة الأواني:
جابر بن عبد الله: غَطُّوا الإِنَاءَ
وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ
لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ
وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ.
أبو هريرة: طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ
إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ
بِالتُّرَابِ.
أبو هريرة: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ
فِي السِّقَاءِ.
عبد الله بن عباس: نَهَى رَسُولُ
اللَّهِ أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الإِنَاءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ.
إطابة المطعم والاعتدال فيه:
قال الله تعالى: {يَأَيُّهَا اَلذِينَ
ءَامَنُواْ كُلُوا مِن طَيِّبَـتِ مَا رَزَقْنَـكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلَّهِ إِن
كُنتُمُ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. البقرة 172.
المقدام بن معدي كرب: مَا مَلأَ
آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ
صُلْبَهُ. فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ
وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ.
عبد الله بن عمر: تَجَشَّأَ رَجُلٌ
عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ
شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
التداوي:
أبو الدرداء: إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ
الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلاَ
تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ.
أبو خزامة: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَرَأَيْتَ
أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا وَتُقًى نَتَّقِيهَا هَلْ
تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: هِيَ
مِنْ قَدَرِ اللَّهِ.
وائل بن حجر: أَنَّ طَارِقَ بْنَ
سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ سَأَلَ النَّبِيَّ عَنِ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ أَنْ
يَصْنَعَهَا فَقَالَ إِنَّمَا نَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ
بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ.
الحجر الصحي:
أسامة بن زيد: إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ
رِجْزٌ سُلِّطَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ فَلاَ
تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا مِنْهُ وَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا.
متفق عليه.
النهي
عن الخروج من البلد الموبوء:
أبو هريرة: لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ
عَلَى مُصِحٍّ. متفق عليه.
الشريد بن سويد: كَانَ فِي وَفْدِ
ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ: إِنَّا قَدْ
بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ.
عائشة: لاَ تَفْنَى أُمَّتِي إِلاَّ
بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ. قُلْتُ
يَرَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ:
غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ الْمُقِيمُ بِهَا كَالشَّهِيدِ وَالْفَارُّ مِنْهَا
كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ.
جابر بن عبد الله:الْفَارُّ مِنَ الطَّاعُونِ
كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ وَالصَّابِرُ فِيهِ كَالصَّابِرِ فِي الزَّحْفِ.
قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى
اَلذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَـرِهِمْ وَهُمُ أُلُوفٌ حَذَرَ اَلْمَوْتِ فَقَالَ
لَهُمُ اللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمُ}. البقرة 243.
النهي
عن دخول البلد الموبوء:
أبو هريرة: لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ
وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ
الأَسَدِ.
عبد الله بن عباس: لاَ تُدِيمُوا
النَّظَرَ إِلَى الْمَجْذُومِينَ.
عبد الله بن أبي أوفى: كَلِّمِ الْمَجْذُومَ
وَبَيْنَكَ وَبَيْنهُ قِيدُ رُمْحٍ أوْ رُمْحَيْنِ.
منقول
من موقع : ملتقى الخطباء