السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبعدُ:
فتدورُ مادة
"النقد" في المعاجم اللغوية حول تمييز الجيِّد مِن الرديء؛ يقول الزبيدي
- صاحب "تاج العروس" في مادة (نقد): "النقد (تمييز الدراهم)،
وإخراج الزيف منها، وكذا تمييز غيرها؛ كالتَّنقاد، والتنقُّد، وقد نقدَها يَنقدها
نقدًا، وانتقدها، وتنقدها، إذا ميَّز جيِّدها مِن رديئها، وأنشد سيبويه:
تَنْفي يَدَاهَا الحَصَى في كُلِّ هَاجِرَةٍ = نَفْيَ الدَّنَانير
تَنْقَاد الصَّيَارِيفِ
والبيتُ في وصف ناقة،
وتنفي أي: تدفع، والهاجرة: شدة الحر، والصياريف: مفردها: صيرفي، وهو: الذي يبتاع
النقود بغيرها مِن النقود.
ويُشَبِّه الشاعر نثر
الناقة للحصى بنثر الصيرفي للدراهم.
فإذا أضيفتْ مادة
"النقد" إلى الأدب، فإنها تعني:
فن تحليل الأعمال
الأدبية، وهو محاولة منضبطةٌ يشترك فيها ذَوْقُ الناقد وفكره؛ للكشْف عن مواطن
الجمال، أو القُبْح في الأعمال الأدبية.
أو هو: "القدرة على
تذوُّق الأساليب المختلفة والحكم عليها" [د. محمد زكي العشماوي: "قضايا النقد الأدبي بين
القديم والحديث"، دار النهضة
العربية، بيروت 1979، (ص: 419)، نقلًا عن: د. عادل عوض: "قضايا ومواقف في التراث
النقدي"].
أما الخطابُ فكما يقول
ابن منظور في "لسان العرب" (1: 361):
الخطاب
والمخاطبة: مراجعة الكلام، وقد خاطبه بالكلام مخاطبةً وخطابًا، وهما يتخاطبان.
وعليه، فإننا لا نرى أن إضافة
الخطاب تفيد جديدًا؛ حيث إنَّ الخطاب كلامٌ، والنقد أيضًا ما هو إلا كلام مميز
للأدب، فإذا قلنا: الخطاب النقدي فكأننا نقول: "كلام تمييز الكلام"!
فهذه الإضافةُ تعتبر مِن
قبيل تضخيم المصطلحات، أو هي دليلٌ على تغيُّر في ذوق الناقد الأدبي الذي أصبح
يفضِّل المصطلحات الجديدة الوافدة، مُلقيًا بالمصطلحات التراثية دبر أذنه.
وعليه، فلا يوجد فرق - فيما نرى
- بين الخطاب النقدي عند فلان، والنقد عند فلان.
أما تعريفُ الخطاب النقدي
فهو نفس تعريف النقد، إلا إذا قلنا: إنَّ الخطاب النقدي هو النقاش الفلسفي لطرق
النقد الأدبي، وهو كلام أيضًا فيه شيءٌ كثيرٌ من التعقيدات للعملية الأدبية
والتضخيمات في مصطلحات ذلك الفن الذوقي الراقي.
وشكر الله لكم