بسم الله الرحمن الرحيم
منظومة سلم الوصول إلى
علم الأصول
في توحيد الله واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم
للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله
أبْدَأُ باسْمِ الله مُسْتَعِينــا ***
رَاضٍ بِـهِ مُـدَبِّر مُعِينَـا
والْحَمْدُ لله كَمَا هَدَانَــا ***
إلى سَبِيـلِ الْحَقِّ واجْتَبَانا
أحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وأشْـكُرُهْ ***
ومِن مَسَاوِي عَمَلي أسْتَغفِـرُهْ
وأسْتَعِينُهُ عَلى نيْلِ الرِّضَـا
*** وأسْتَمِدُّ لُطفَهُ في مَا قَضَى
وبعدُ: إِني بِالْيقِينِ أشْهَـد ***
شَهادَةَ الإخلاصِ أنْ لا يُعْبَدْ
بالْحَقِّ مأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمن
مَنْ جَلَّ عَن عَيْبٍ وعَنْ نُقْصَانِ
وأن خيْرَ خَلْقِهِ محمَّــدا ***
مَنْ جاءنَا بالْبَيِّنَات والْهُدَى
رسـوله إلى جَمِيعِ الْخَلْق ***
بالنُّورِ والْهُدَى ودِينِ الْحَقِّ
صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَـا
وَمجَّـدا *** واْلآلُ وَالْصَّحْبُ دَوَامًا سَرْمَدَا
وَبَعْدُ: هَذَا النَّظمُ في
الأُصولِ لِمَنْ أرَادَ مَنْهجَ الرَّسُـول
سأَلَنِي إيَّاهُ مَنْ لا بُــدَّ
لِي *** منِ امْتِثَالِ سُؤلْهِ الْمُمْتَثَـل
فَقُلْتُ مَع عَجْزي ومَع إِشفَاقِي
*** مُعْتَمِدًا على الْقَدِيرِ الْبَاقِـي
مقدمة
تُعرِّف العبد بما خُلِق
له، وبأول ما فرض الله تعالى عليه وبما
أخذ الله عليه به الميثاق
في ظهر أبيه آدم، وبما هو صائر إليه
اعْلَمْ بأَنَّ الله جَل وَعَــلاَ ***
لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدَى وَهَمَلاَ
بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ
لِيعْبُــدُوهُ *** وَبِالإلهِـيَّـــةِ يُفردُوهُ
أخْرَجَ فيمَا قد مَضَى مِن ظَهْرِ ***
آدم ذُرِّيَّتَــهُ كَـالـذَّرِّ
وأخَذَ العَهْدَ عَلَيْهِمْ
أنَّـــهُ *** لاَ رَبَّ مَعْبُودٌ بحقٍّ غَيْـرَهُ
وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَـدْ
أرْسَلاَ *** لَهُمْ وَبالْحَقِّ الْكِتَابَ أنْزَلاَ
لِكَيْ بِذَا الْعَهدَ
يُذَكِّرُوهُـمْ *** وَيُنذِرُوهُمُ وَيُبَشِّرُوهُــم
كِيْ لاَ يَكُونَ حُجة للنَّاسِ
بَلْ *** لله أعْلَى حُجَّة عَزَّ وَجَـلْ
فَمَنْ يُصَدِّقْهُمْ بِلاَ
شِقَــاقِ *** فَقَدْ وَفَى بِذَلِكَ الْمِيثَـاقِ
وَذَاكَ نَاجٍ مِن عَذَابِ
النَّـارِ *** وَذَلِكَ الْوَارِثُ عُقبَى الدَّارِ
وَمَنْ بِهِمْ وَبالْكِتَـابِ كَذِّبَا
*** وَلاَزَمَ الإعْرَاضَ عَنهُ والإبَا
فَذَاكَ نَاقِـضٌ كِلاَ
العَهْدَيْنِ *** مُسْتَوجِبٌ لِلخِزي في الدَّارَيْن
فصل
في كون التوحيد ينقسم إلى
نوعين
وبيان النوع الأول، وهو
توحيد المعرفة والإثبات
أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيــد ***
مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيـدِ
إذْ هُوَ مِن كُلِّ الأَوَامِر
أعْظَمُ *** وَهُوَ نَوْعَانِ أيَا مَن يَفْهَـمُ
إثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ
وعَلاَ *** أسْمَائِهِ الْحُسْنَى صِفَاتِهِ العُلَى
وَأنَّهُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ
الأكْبَـرُ *** الْخَالِقُ الْبَارِىءُ وَالْمُصَـوِّرُ
بَاري الْبَرَايَا مُنْشِىءُ
الْخَلائِقِ *** مُبْدِعُهُمْ بِلاَ مِثالٍ سَابِـقِ
الأوَّلُ الْمُبدِي بِـلاَ
ابْتِدَاءِ *** والآخِرُ الْبَاقِي بِلاَ انْتِهَـاءِ
الأحَدُ الفَرْدُ الْقَـدِيرُ
الأزَليّ *** الصَّمَدُ الْبَرُّ الْمُهَيْمِنُ العَلِيّ
عُلُوَّ قَهرٍ وَعُلُوَّ
الشَّـــانِ *** جَلَّ عَنِ الأضْدَادِ وَالأعْوَانِ
كَذَا لَهُ الْعُلُوُّ
والفَوْقِـيَّـهْ *** عَلَى عِبَادِهِ بِلاَ كَيْفِـيَّـهْ
وَمَعَ ذَا مُطَّلِعٌ إلَيْهِـــمُ ***
بعلْمِهِ مُهَيْمنٌ عَلَيْهِـــمُ
وَذِكرُهُ لِلقُرْبِ
وَالْمَعِيَّــةْ *** لَمْ يَنْفِ لِلْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيــهْ
فَإِنَّهُ الْعليُّ في دُنُـــوِّهِ
*** وَهُوَ الْقَريِبُ جَلَّ في عُلُوِّهِ
حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلاَ يَنَـــامُ ***
وَجَلَّ أَنْ يُشْبِهُهُ الأنَــامُ
لاَ تَبْلُغُ الأوْهَامُ كُنْهَ
ذَاتـِهِ *** وَلاَ يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِـهِ
باقٍ فَلاَ يَفْنَي وَلاَ يَبِيــدُ
*** وَلاَ يَكُونُ غَيْرَ مَا ُيرِيــدُ
مُنفَرِدٌ بِالْخَلْــقِ
وَالإرَادَهْ *** وَحَاكِمٌ -جَلَّ- بِمَــا أرَادَهْ
فَمَنْ يَشَأْ وَفَّقَهُ
بِفَضْلِــهِ *** وَمن يَشَأْ أضَلَّهُ بِعَدْلِــهِ
فَمِنْهُمُ الشَّقِيُّ
والسَّعِيــدُ *** وَذَا مُقَرَّبٌ وَذَا طَريــدُ
لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ قَضَاهَـــَا ***
يَسْتَوْجبُ الْحَمْدَ عَلَى اقتِضَاهَا
وهُوَ الَّذِي يَرَى دَبِيبَ الذَرّ
*** في الظُّلُمَاتِ فَوْقَ صُمِّ الصَّخْرِ
وَسَامِعٌ لِلْجَهْرِ وَالإِخفـَاتِ
*** بِسَمْعِهِ الْوَاسِعِ لِلأَصْـوَاتِ
وَعِلْمُهُ بِمَا بَدَا وَمَا
خَفِـي *** أحَاطَ عِلْما بالْجَليِّ وَالْخَفِـي
وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ
سُبْحَانَـهُ *** جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالى شَأنُــهُ
وكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَليْــهِ ***
وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْــــهِ
كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ
تَكْليِمَـا *** وَلَمْ يَزَلْ بِخَلْقِهِ عَلِيمَــا
كَلاَمُهُ جَلَّ عَنِ الإِحْصَـاءِ ***
وَالحَصْرِ وَالنَّفَادِ وَالْفَنَــاءِ
لَوْ صَارَ أَقلاَمًا جَميعُ
الشَّجَرِ *** وَالبَحْرُ تُلقَى فِيهِ سَبْعُ أبْحُرِ
وَالْخَلْقُ تَكتُبْهُ بِكُــلِّ
آنِ *** فَنَتْ وَلَيْسَ القَوْلُ مِنهُ فَانِ
وَالْقَوْلُ في كِتَابِهِ
المُفَصَّـلْ *** بِأنَّهُ كَلامُهُ الْـمُنَــزَّلْ
عَلَى الرَسُولِ المُصْطَفَى خَيْرِ
*** الوَرَى لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ولا بِمُفْتَرَى
يُحْفَظُ بِالقَلْبِ وَبِاللَّسَـانِ
*** يُتْلَى كَمَا يُسْمَـعُ بالآذَانِ
كَذَا بِالأَبْصَارِ إِلَيْهِ
يُنْظَــرُ *** وَبِالأيَادِي خَطُّهُ يُــسَطَّرُ
وَكُلُّ ذِي مَخلُوقَة حَقِيقَـهْ ***
دُونَ كَلامِ بَارِيءِ الْخَلِيقَةْ
جَلَّتْ صِفَاتُ رَبِّنَا
الرَّحْمنِ *** عَنْ وَصْفِهَا بِالْخَلْقِ وَالْحَدثَانِ
فَالصوْتُ والأَلْحَانُ صَوتُ
الْقَارِي لكنَّمَا الْمَتلُوُّ قَوْلُ الْبَـارِي
مَا قَاَلهُ لاَ يَقبَلُ
التَّبْدِيــلاَ *** كَلاَّ وَلاَ أصْدَقُ مِنهُ قِيـلا
وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ عَن خَيْرِ
المَـلاَ *** بِأنَّهُ ّزَّ وَجَلَّ وَعَـــلا
في ثُلُثِ اللِّيْلِ الأخِيرِ
يَنْـزِلُ *** يَقُولُ هَلْ مِن تَائِب فَيُقبِِلُ
هَلْ مَنْ مُسِيءٍ طالِبٍ
للْمَغْفِرَهْ *** يَجِدْ كَرِيمًا قَابِلًا لِلْمَعْذِرَهْ
يَمُنُّ بِالْخَيْرَاتِ
وَالْفَضَائِـلْ *** وَيَسْتُرُ العَيْبَ ويُعْطِي السَّائِلْ
وَأنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الفَصْــل ***
كَمَا يَشَاءُ لِلْقَضاءِ الْعَـدْلِ
وأنَّهُ يَرَى بِلاَ إنْكَـــارِ ***
في جَنَّةِ الفِرْدَوْسٍ بِالأبصَارِ
كلٌّ يَرَاهُ رُؤيَةَ العِيَـــانِ ***
كَمَا أتَى في مُحْكَمِ القُرآنِ
وَفي حَديـثِ سَيِّدِ الأنَـامِ ***
مِنْ غَيْرِ مَا شَكٍّ وَلا إِبْهَـــامِ
رُؤْيَةَ حَقٍّ لَيْسَ
يَمْتَرُونَهَـا *** كَالشَّمْسِ صَحْوًا لاَ سَحَابَ دُونَهَا
وَخُصَّ بالرُّؤيَــةِ أوْلِياؤُهُ ***
فَضِيلَةَ وَحُجِبُوا أَعْــدَاؤُهُ
وَكلُّ مَا لَهُ مِنَ الصِّفَـاتِ ***
أثْبَتَهَا في مُحْكَمِ الآيَـاتِ
أوْ صَحَّ فيمَا قَالَهُ
الرَّسُـولُ *** فَحَقُّهُ التَّسلِيمُ وَالقَبُــولُ
نمِرُّهَا صَرِيحَةً كَمَا أتَــتْ ***
مَعَ اعْتِقَادِنَا لمَا لَهُ اقْتَضَتْ
مِنْ غَيْرِ تَحْرِيف وَلاَ
تَعْطِيلِ *** وغَيْرِ َكْيِيف وَلاَ تَمْثيـلِ
بَلْ قَوْلُنَا قَوْل أئمةِ الهـدَى
*** طُوبَى لِمَنْ بهَدْيِهِِمْ قَد اهْتـدَى
وَسَمِّ ذَا النَّوْعِ مِنَ
التَّوحِيد *** تَوْحِيدَ إثْبَاتٍ بِلا تَرْدِيـدِ
قَدْ أفْصَحَ الوَحيُ المُبين
عَنْهُ *** فَاْلتَمِسِ الْهُدَى الْمُنِيَر منهُ
لاَ تَتَّبِعْ أقوَالَ كلِّ
مَـارِدِ *** غَاوٍ مُضِلٍّ مَارِق مُعانِــدِ
فَلَيْسَ بَعْدَ رَدِّ ذَا
التِّبْيَـانِ *** مِثْقَالُ ذَرَّة مِنَ الإيمَــان
فصل
في بيان النوع الثاني من
التوحيد
وهو توحيد الطلب والقصد،
وأنه هو معنى لا إله إلا الله
هذا وَثَانِي نَوعَي التوْحِيـدِ ***
إفْرادُ رَبِّ الْعرْشِ عنْ نَديدِ
أنْ تَعْبُدَ الله إلهًا وَاحِــدَا
*** مُعْتَرِفًا بِحَقِّهِ لاَ جَاحِــدَا
وَهوَ الَّذي به الإله أرْسَـلا ***
رُسْلَهُ يَدْعُونَ إلَيْــهِ أولا
وأنْزَلَ الْكِتَابَ
والتِّـبْـيَانًَا لَهُ *** مِن أجْلِهِ وَفَرَقَ الْفُرْقَانَــا
وكَلفَ الله الرَّسُولَ
الْمُجْتَبَى *** قِتَالَ مَن عَنْهُ تَوَلَّى وَأبَـى
حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ خَالِصا ***
سِرًّا وَجَهْرًَا دِقَّةُ وَجِلَّــهُ
وَهَكَذَا أمَّتُهُ قَدْ
كُلِّفُــوا *** بذَا وَفي نصِّ الْكِتَابِ وُصِفُــوا
وَقَدْ حَوَتْهُ لَفْظَةُ
الشَّهَـادَهْ *** فَهِيَ سَبِيلُ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَهْ
مَن قَالَهَا مُعْتَقِدًا
مَعْنَاهــا *** وَكَانَ عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَــا
في القَوْلِ والفِعْلِ ومَاتَ
مُؤمِنًا *** يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشرِ نَاجٍ آمِنَا
فَإِن مَعْنَاهَا الَّذِي
عَلَيْـــهِ *** دَلتْ يَقِينا وَهَدَتْ إِلَيْــهِ
أن لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلهٌ
يُعْبَــدُ *** إلاَّ الإلهُ الوَاحِدُ المُنْفَــرِدُ
بِالْخَلقِ وَالرِّزْقِ
وَبالتَّدْبِيـرِ *** جَلَّ عَنِ الشَّريِكِ وَالنَّظِيـرِ
وَبِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ قَدْ
قُيِّـدَتْ *** وَفي نُصُوصِ الوَحْيِ حَقًا وَرَدَتْ
فَإنَّهُ لَمْ يَنتَفِعْ
قَائِلُهَــــا *** بِالنُّطْقِ إلاَّ حَيْثُ يَسْتَكْمِلُهَا
الْعِلمُ وَالْيَقِينُ
وَالقَبُـــولُ *** وَالانْقِيَادُ فَادْرِ مَا أقُــولُ
وَالصِّدْقُ وَالإِخْلاَص
وَالْمَحَبَّة *** وَفَّقَكَ الله لِمَا أحَبَّـــه
فصل
في العبادة، وذكر بعض
أنواعها
وأن من صرف منها شيئًا
لغير الله فقد أشرك
ثُمَّ الْعِبَادَةُ هيَ اسْمٌ
جَامِـعُ *** لِكُلِّ مَا يَرضَى الإلهُ السَّامِع
وَفِي الْحَدِيثِ مُخُّهَا
الدُعَاءُ *** خَوْفٌ تَوَكُّلٌ كَذَا الرَّجَـاءُ
وَرَغْبَة وَرَهْبَةٌ خشــوعُ ***
وَخَشيَـةٌ إنَابَـة خضُوع
وَالاسْتِعَاذَةُ ولاسْتِعَانَــهْ ***
كَذَا اسْتِغَاثةٌ بهِ سُبْحَانَـهْ
وَالذَّبْحُ وَالنَّذْرُ وَغَيْرُ
ذَلِـكَ *** فَافْهَمْ هُدِيْتَ أوْضَـحَ الْمَسَالِك
وَصَـرْفُ بَعْضِهَا لغَيْرِ الله ***
شِرْكٌ وَذَاكَ أقْبَحُ الْمَنَاهِـي
فصل
في بيان ضد التوحيد وهو
الشرك
وأنه ينقسم إلى قسمين:
أصغر وأكبر، وبيان كل منهما
وَالشِّرْكُ نَوْعَانِ: فَشِرْكٌ
أَكْبَرُ *** بهِ خُلودُ النَّارِ إذْ لاَ يُغْفَـرُ
وَهُوَ اتِّخَاذُ الْعَبْدِ غَيْرَ
اللـهِ *** نِدًّا بهِ مُسَوِّيًا مُضَاهِــي
يَقْصُدُهُ عِنْدَ نَزَولِ
الضُّــرِّ *** لِجَلْبِ خَيْرٍ أوْ لِدَفْعِ الشرِّ
أوْ عِنْدَ أيِّ غَرَضٍ لاَ
يَقـدِرُ *** عَلَيْهِ إلاَّ الْمَالِكُ الْمُقتَـدِرُ
مَعْ جَعْلِهِ لِذَلِكَ
الْمَدَعُــوِّ *** أوِ المُعَظَّمِ أوِ المرْجُـــوِّ
في الْغَيْبِ سُلْطَانًا بهِ
يَطَّلـعُ *** عَلَى ضَمِيرِ مَنْ إلَيْهِ يَفْـزَعُ
وَالثَّانِ شِركٌ أصْغَرُ وَهُوَ
الرِّيَا *** فَسَّرَهُ بِهِ خِتَامُ الأنْبِيَـــا
وَمِنهُ إقسَامٌ بِغَيْرِ البَـاري ***
كَمَا أتَى في مُحْكَمِ الأخْبَارِ
فصل
في بيان أمور يفعلها
العامة
منها ما هو شرك، ومنها ما
هو قريب منه، وبيان حكم الرقى والتمائم
وَمَنْ يَثِقْ بوَدْعَةٍ أوْ
نَــابِ *** أوْ حَلْقَةٍ أوْ أعْيُنِ الذِّئَـابِ
أوْ خيْط أوْ عُضْوٍ منَ النُّسُورِ
*** أوْ وَتَرٍ أو ترْبَةِ القُبُــورِ
لأيِّ أمْرٍ كائِنٍ تَعَلّقَـــهْ ***
وَكَلَهُ الله إلى ما عَلَّقَــهْ
ثُم الرُّقَى منْ حُمَةٍ أوْ عَيْنٍ
*** فَإنْ تكُنْ مِنْ خَالِصِ الوَحْيَيْنِ
فَذَاكَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ
وشِرْعَتِهِ *** وَذَاكَ لاَ اخْتِلافَ في سُنِّيَتِهِ
أمَّا الرُّقَى الْمَجْهُولَةُ
الْمَعانِي *** فَذَاكَ وِسْوَاسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
وَفِيهِ قَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ
أنَّـهُ *** شِرْكٌ بِلا مِرْيَةٍ فَاحْذَرْنَّـهْ
إذْ كُلُّ مَنْ يَقولُهُ لا
يَـدْرِي *** لَعَلهُ يَكُونُ مَحْضَ الكُفْـرِ
أوْ هُو مِنْ سحْرِ الْيَهُودِ
مُقْتَبَسْ عَلَى العَوامِ لبَّسُوهُ فَالْتَبَـسْ
فَحذرًا ثمَّ حَذَارِ مِنْـــهُ ***
لا تَعْرِف الْحَقَّ وَتَنْأى عَنْهُ
وفي التَّمَائِمِ الْمُعَلَّقَــاتِ
*** إن تَكُ آياتٍ مُبَيِّنــاتِ
فَالاخْتِلاَفُ وَاقِعٌ بَيْنَ
السَّلَفْ *** فَبَعْضُهُمْ أجَازَها والْبَعْضُ كَفْ
وإنْ تَكُنْ مِمَّا سوَى
الوَحْيَيْنِ *** فإنَّهَا شِرْكٌ بِغَيْرِ مَيْـــنِ
بَلْ إنَّهَا قَسيْمَــةُ
الأزْلاَمِ *** في الْبُعدِ عَن سِيمَا أُولي الإِسْلاَمِ
فصل
من الشرك فعل من يتبرك
بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها
يتخذ ذلك المكان عيدًا.
وبيان أن الزيارة تنقسم إلى سنية وبدعية وشركية
هَذَا ومِنْ أعْمَالِ أهْلِ
الشِّرْكِ *** مِنْ غَيْرِ مَا تَرَدُّدٍ أوْ شَـكِّ
مَا يَقْصُدُ الجُهَّالُ مِنْ
تَعْظِيمِ مَا *** لَمْ يَأذَنِ الله بِأنْ يَعَظَّمَــا
كَمَنْ يَلُذْ بِبقعَةٍ أوْ حَجَـرِ
*** أوْ قَبْرِ مَيْت أوْ بِبَعْض الشَّجَرِ
مُتَّخِذًَا لِذَلِكَ المَكَـــانِ ***
عِيدًا كَفِعْلِ عَابِدِي الأوْثَانِ
ثُمَّ الزِّيارَةُ عَلَى أقْسَــامٍ
*** ثَلاثَةٍ يَا أُمَّةَ الإسْـــلامِ
فإنْ نَوَى الزَّائِرُ فيمَا
أضمَرَهُ *** في نَفْسِهِ تَذْكِرَةً بالآخِـرَهْ
ثُمَّ الدُّعَا لَهُ
ولِلأَمْــوَاتِ *** بِالعَفْوِ والصفْحِ عَنِ الزَّلاَّتِ
وَلَمْ يَكُنْ شَدَّ الرِّحَالِ نَحْوَها
*** وَلَمْ يقُلْ هَجْرًا كَقَوْلِ السُّفَهَا
فَتِلْكَ سُنَّةٌ أتَتْ صَرِيحَــهْ
*** في السُّنَنِ المُثْبَتَة الصَّحِيحَهْ
أوْ قَصَدَ الدُّعَاءَ
وَالتَّوَسّـلاَ *** بِهِمْ إلى الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَلاَ
فَبِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ ضَلاَلــه ***
بَعيْدَةٌ عَنْ هَدْيِ ذِي الرِّسَالَهْ
وإنْ دَعا الْمَقبُورُ نَفْسَهُ
فَقَدْ *** أشْرَكَ بِالله الْعَظِيْمِ وَجَحَدْ
لَنْ يَقْبَلَ الله تَعَالى
مِنْـــهُ *** صَرْفًا وَلا عَدْلًا فَيَعْفُوا عَنْهُ
إذْ كُلُّ ذَنْبٍ مُوشكُ
الغُفْرَانِ *** إلاَّ اتِّخَاذ النِّدِّ للرحْمــنِ
فصل
في بيان ما وقع فيه
العامة اليوم مما يفعلونه عند القبور
وما يرتكبونه من الشرك
الصريح والغلو المفرط في الأموات
ومَنْ عَلَى القَبْرِ سِراجًا
أوقَدَا *** أوِ ابْتَنى عَلَى الضَّرِيحِ مَسْجِدًا
فإنّه مُجَدِّدٌ جِهَــــارا ***
لِسُنَنِ الْيَهُودِ والنصَـارَى
كَمْ حَذَّرَ الْمُخْتَارُ عَنْ ذَا
وَلَعَنْ *** فَاعِلهُ كَمَا رَوَى أهْلُ السُّنَنْ
بلْ قَدْ نَهَى عَن ارْتِفَاعِ
الْقَبْرِ *** وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ فَوْقَ الشِّبْـر
وَكلُّ قَبْرٍ مُشرِفٍ فَقَدْ
أمَـرْ *** بِأَنْ يُسَوَّى هَكَذَا صَحَّ الْخَبَرْ
وحذْرَ الأُمَّةَ عَنْ إطْرَائِــهِ
*** فَغَرَّهُمْ إبْلِيسُ باسْتِجْرائِـهِ
فَخَالَفوهُ جَهْرَةً
وارْتَكَبُــوا *** ما قدْ نَهَى عَنْهُ ولَمْ يَجْتَنِبُوا
فَانْظُرْ إليْهِمْ قَدْ غَلوْا
وَزَادُوا *** وَرَفَعُوا بنَاءََهَا وَشَــادُوا
بالشِّيدِ والآجُرِّ وَالأحْـجَارِ ***
لا سيَّمَا في هَذِه الأعْصَـارِ
وَلِلْقَنَادِيلِ عَلَيْهَا
أوْقَــدُوا *** وَكَمْ لِوَاءٍ فَوْقَهَا قَدْ عَقَدُوا
وَنَصَبُوا الأعْلاَمَ
وَالرَّايَـات *** وَافْتَتَنُوا بِالأعْظمِ الرُّفَـاتِ
بَلْ نَحَروا في سَواحِهَا
النَّحَائِرْ *** فِعْلَ أُولي التَّسْيِيبِ والْبَحَائِرِ
والْتَمَسُوا الْحَاجَاتِ مِنْ
مَوْتَاهُم *** وَاتَّخَذُوا إلَهَهُمْ هَوَاهُــمْ
قَدْ صَادَهُمْ إبْليِسُ في
فِخَاخَه *** بَلْ بَعْضُهُمْ قَدْ صَارَ منْ أفْرَاخِه
يَدْعوا إلى عِبَادَةِ الأوْثَــانِ
*** بِالْمَالِ والنَّفْسِ وبِاللِّسَـانِ
فَلَيْتَ شِعْري مَنْ أبَاحَ ذَلِكْ
*** وَأوْرَطَ الأُمَّةَ في المَهَالِـكْ
فَيَا شَدِيدَ الطُّولِ
والإِنْعَـامِ *** إلَيْكَ نَشْكُوا مِحْنَةَ الإسْلاَمِ
فصل
في بيان حقيقة السحر وحد
الساحر
وأن منه علم التنجيم،
وذكر عقوبة من صدق كاهنًا
وَالسحْرُ حَقٌّ وَلَهُ تَأْثِيــرُ
*** لكِنْ بِما قَدَّرَهُ الْقَدِيــر
أعْنِي بِذَا التَّقْدِيـرِ مَا
قَدْ قَدَّرَهُ *** في الْكَوْنِ لا في الشِّرعَةِ الْمُطَهَّرَهْ
واحْكُمْ عَلَى السَّاحِرِ
بِالتكْفِيرِ *** وَحَدُّهُ القَتْلُ بِلا نَكِيــرِ
كَمَا أتَى في السُّـنَّةِ
المُصَرَّحَةْ *** مِمَّا رَوَاهُ التِّرْمِذِي وَصَحَّـحَهْ
عَنْ جُنْدُبٍ وَهَكَذَا في أثَـر ***
أمرٌ بِقَتْلِهِمْ رُوِي عَنْ عُمَر
وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةََ عِندَ
مَالِكِ *** مَا فِيهِ أقْوَى مُرْشِدٍ للسالِكِ
هَذَا وَمِنْ أنْوَاعِهِ
وَشُعَبِــه *** عِلْمُ النُّجُومِ فَادْرِ هَذَا وَانْتَبِهْ
وَحِلُّهُ بِالْوَحْي نَصًّا
يُشْرَعُ *** أمَّا بِسحْرٍ مِثْله فَيُمْنَــعُ
وَمَنْ يُصَدِّقْ كَاهنًا فَقَدْ
كَفَرْ *** بِمَا أتَى بِهِ الرَّسُولُ المُعْتَبَـرْ
فصل
يجمع معنى حديث جبريل
المشهور في تعليمنا الدين
وأنه ينقسم إلى ثلاث
مراتب
الإسلام والإيمان والإحسان، وبيان
أركان كل منها
إعْلَمْ بِأَنَّ الدينَ قوْلٌ
وعَمَلْ *** فَاحْفَظْهُ وَافْهَمْ مَا عَلَيْهِ ذَا اشْتَمَلْ
كَفَاكَ مَا قَدْ قَالَهُ
الرَّسُـولُ *** إذْ جَاءَهُ يَسْأَلُهُ جِبْرِيــلُ
عَلَى مَرَاتِبٍ ثَلاَثٍ فَـصَّلَهْ
*** جَاءَتْ عَلَى جَمِيعِه مُشتَمِلَهْ
الإسْلاَمُ والإيمَانُ والإحْسَانِ ***
ولْكُلُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أرْكَـانِ
فَقَدْ أتَى:الإسْلاَمُ مَبْنِيٌّ ***
عَلَى خَمْسٍ، فَحَقِّقْ وَادْرِ مَا قَدْ نُقِلا
أوَّلُهَا الرُّكْنُ الأسَاسُ الأعْظَمُ
*** وَهُوَ الصِّراطُ المُسْتَـقِيمُ الأقوَمُ
رُكن الشَّهَادَتَيْنِ فَاثْبُتْ
وَاعْتَصِمْ بالْعُرْوة الْوُثْقَى الَّتي لا تَنْفَصِمْ
وثَانِيًا إقَامَةُ الصَّـــلاَةِ ***
وَثَالِثًا تَأْدِيَةُ الزَّكَـــاةِ
وَالرَّابِعُ الصِّيَامُ فَاسْمَعْ
وَاتَّبعْ *** وَالْخَامِسُ الحَجُّ عَلَى مَنْ يَسْتَطعْ
فَتِلْكَ خَمْسَةٌ. وللإيمَــانِ ***
سِتَّةُ أرْكَانٍ بِلاَ نُكْــرَانِ
إيمَانُنَا بِالله ذِي الْجَــلاَل ***
وَمَا لَهُ مِنْ صِفَةِ الْكَمَـال
وَبالْمَلائِكةِ الْكِرَامِ
الْبَـرَرَة *** وَكُتْبهِ الْمُنْزَلَةِ الْمُطَهَّــرَهْ
ورُسْلِهِ الهُدَاةِ لِلأَنَـــامِ ***
مِن غَيْرِ تَفْرِيقٍ ولا إيهَـامِ
أوَّلُهُمْ نُوحٌ بِلا شِكٍّ كَمـَا
*** أنَّ مُحَمَّدًا لَهُمْ قَدْ خَتَمَـا
وَخَمْسَةٌ مِنْهُمْ أُوُلُو
الْعَزْمِ الأُلَى في سُورَةِ الأحْزَاب والشُّورَى تَلا
وَبالْمَعَادِ أيْقَنَ بلاَ
تَـرَدُّدِ *** ولا ادَّعَا عِلْمٍ بِوَقْتِ الْمَوْعِدِ
لكِنَّنَا نُؤْمِنْ مِنْ غَيْرِ
امْتِـرَا *** بِكُلِّ مَا قَدْ صَحَّ عَنْ خَيْرِ الْوَرَى
مِنْ ذِكْرِ آيَاتٍ تَكُونُ
قَبْلَهَا *** وَهِي عَلامَاتٌ وَأشْرَاطٌ لَها
وَيَدْخُلُ الإيمَانُ باِلْمَوْتِ
وَمَا *** مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْعِبَادِ حُتِمَا
وَأَنَّ كُلاٍّ مُقْعَدٌ
مَسْـؤُولُ: *** مَا الرَّبُّ مَا الدِّينُ وَمَا الرَّسُولُ؟
َعِنْدَ ذَا يُثَبِّتُ
الْمُهَيْمِـنُ *** بِثَابِتِ الْقَولِ الَّذينَ آمَنُـوا
وَيُوقِنُ الْمُرْتَابُ عِنْدَ
ذَلِـكَ *** بِأنَّ مَا مَوْرِدُهُ الْمَهَالِــك
وَبِاللِّقَا والْبَعْثُ
والنُّشُــورِ *** وَبِقِيَامِنَا مِنَ القُبُـــورِ
غُرْلًا حُفَاةً كَجَرادٍ
مُنْتَشِـرْ *** يَقُولُ ذُو الكُفْرَانِ: ذَا يَوْمٌ عَسِرْ
وَيُجْمَعُ الْخَلْقُ لِيَوْمِ
الْفَصْلِ *** جَمِيعُهُمْ عُلْوِيُّهُمْ والسُّفْلِي
في مَوْقِف يَجِلُّ فِيهِ الْخَطْبُ
*** وَيَعْظُمُ الْهَوْلُ بِهِ والْكَرْبُ
وأُحْضِرُوا للْعَرْضِ والْحِسَابِ ***
وَانْقَطَعَتْ عَلائِقُ الأَنْسَابِ
وارْتَكَمَتْ سَجَائِبُ الأهْوَالِ ***
وانْعَجَمَ الْبَلِيغُ في الْمَقَـالِ
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْقَيُّــومِ
*** وَاقْتَصَّ مِنْ ذِي الظُّلْمِ لِلْمَظْلُومِ
وَسَاوَتْ الْمُلُوكِ لِلأَجْنَـادِ
*** وَجِيءَ بِالكِتَابِ والأَشْهَادِ
وَشَهِدَت الأَعْضَاءُ
وَالْجَوَارِحُ *** وَبَدَتِ السَّوْءَاتُ والْفَضَائِحُ
وَابْتُلِيَتْ هُنَالِكَ السَّرَائـِرْ
*** وانكَشَفَ الْمَخْفِيُّ في الضَّمَائِرْ
ونُشِرَتْ صَحَائِفُ الأَعْمَالِ ***
تُؤْخَذُ باليَمِينِ والشِّمَالِ
طُوْبَى لِمَنْ يَأْخُذُ
بِالْيمِـينِ *** كِتَابَهُ بشرَى بِحُورٍ عِـينِ
وَالْوَيْلُ لِلآخِذِ بالشِّمَــالِ
*** وَرَاءَ ظهْرٍ لِلْجَحِيمِ صَـالِي
وَالْوَزْنُ بِالقِسْطِ فَلاَ
ظُلْمَ وَلا *** يُؤْخَذُ عَبْدٌ بِسِوَى مَا عَمِلاَ
فَبَيْنَ نَاجٍ رَاجِح
مِيْزَانُــهُ *** وَمُقْرِفٍ أوْبَقَهُ عُدْوَانُــهُ
وَيَنْصِبُ الْجِسْرُ بِلاَ
امْتِـرَاءِ *** كَمَا أتَى في مُحْكَمِ الأنْبَاءِ
يَجُوزُهُ النَّاسُ عَلَى أحْـوَالِ
*** بِقَدْرِ كَسْبِهِمْ مِنْ الأعْمَالِ
فَبَيْنَ مُجْتَازٍ إلى الجِنَــانِ
*** وَمُسْرِفٍ يُكَبُّ في النـيرَانِ
والنَّارُ والْجَنَّةُ حَقٌ
وَهُمَـا *** مَوْجُودَتَانِ لا فَنَاء لَهُمَـا
وَحَوْضُ خَيْرِ الْخَلْقِ حَقٌّ
وبِهِ يَشْرَبُ في الأُخْرَى جَمِيعُ حِزْبه
كَذَا لَه لِوَاءُ حَمْد يُنْشَــرُ
*** وَتَحْتَهُ الرُّسْلُ جَمِيعًَا تُحْشَرُ
كَذَا لَهُ الشَّفَاعَةُ العُظْمَى
كَمَا *** قَدْ خصَّهُ الله بِهَا تَكَرُّمَـا
مِنْ بَعْد إذن الله لا كَمَا يَرَى
*** كُلُّ قُبُوريٍّ عَلَى الله افْتَرَى
يَشْفَعُ أوَّلًا إلى الرَّحْمَـنِ
في *** فَصْل القَضَاءِ بَيْنَ أهْل الْمَوْقِفِ
مِن بَعْدِ أنْ يِطْلُبهَا النَّاسُ
إلى *** كُلِّ أُولِي العَزْمِ الهُدَاةِ الفُضَــلا
وثَانِيًا يَشْفَعُ في
اسْتِفْتَـاحِ *** دَارِ النَّعِيمِ لأُوليِ الْفَـلاحِ
هذَا وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتـَان ***
قَدْ خَصَّتَا بِهِ بِلا نُكـرَان
وثَالِثًا يَشْفَــعُ في أقْوَامٍ ***
مَاتُوا عَلَى دينِ الهُدَى الإسْـلامِ
وأوْبَقَتْهُمْ كَثْرَةُ الآثَــامِ
*** فَأُدْخِلُوا النَّارَ بِذَا الإجْـرَامِ
أنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا إلى
الْجِنَانِ *** بِفَضلِ رَبِّ العَرْضِ ذِي الإحْسَانِ
وَبَعْدَهُ يَشْفَعُ كُلُّ مُرْسَـل
*** وَكُلُّ عَبْد ذِي صَلاحٍ وَوَلي
وَيُخْرِجُ الله مِنَ
النِّيْــرَانِ *** جَمِيعَ مَنْ مَاتَ عَلَى الإيمَانِ
في نَهْرِ الْحَيَاةِ
يُطْرَحُونَــا *** فَحْمًَا فَيَحْيَوْنَ وَيَنْبِتُونَــا
كَأنَّمَا يَنْبُتُ في
هَيْئَاتِــهِ *** حَبُّ حَمِيلِ السِّيْلِ في حَافَاتِهِ
والسَّادِسُ الإيمَانُ
بِالأقْـدَارِ *** فَأيْقِنَنْ بِهَا ولا تُمَــارِ
فَكُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَقَـدَرْ
*** والكُلُّ في أُمِّ الكِتَابِ مُسْتَطَرْ
لا نَوْءَ لا عَدْوَى ولا طِيَرَ
وَلا *** عَمَّا قَضَى الله تَعَالى حِوَلاَ
لاَ غَوْلَ لاَ هَامَةَ لاَ
ولاصَفَرْ *** كَمَا بذَا أخْبَرَ سَيِّدُ الْبَشَـرْ
وثَالِثٌ مَرْتَبَةُ الإحْسَــانِ ***
وَتِلكَ أعْلاَهَا لَدَى الرَّحْمَنِ
وَهُوَ رُسُوخُ الْقَلْبِ في
الْعِرْفَانِ *** حَتَّى يَكُونَ الْغَيْبُ كَالْعَيْنَان
فصل
في كون الإيمان يزيد بالطاعة
وينقص بالمعصية
وأن فاسق أهل الملة لا
يكفر بذنب دون الشرك
إلا إذا استحله وأنه تحت
المشيئة، وأن التوبة مقبولة ما لم يغرغر
إيْمَاننَا يَزِيدُ بِالطَّاعَــاتِ
*** وَنَقْصُهُ يَكُونُ بَالــزلاَّتِ
وَأهْلُهُ فيهِ عَلَى تَفَاضُــلِ ***
هَلْ أنْتَ كَالأمْلاكِ أوْ كَالرُّسُل
وَالْفَاسِقُ الْمَلِّيُّ ذُو
الْعِصْيَانِ *** لَمْ يُنْفَ عَنهُ مُطلَقُ الإيمَانِ
لَكنْ بقَدْر الْفِسْقِ والْمعَاصِي
*** إيْمَانهُ مَا زالَ في انْتِقَـاصِ
ولاَ نَقُولُ إنَّهُ في النَّــارِ ***
مُخَلَّدٌ، بَلْ أمْرُهُ للْبَــارِي
تَحْتَ مَشِيئَةِ الإلهِ
النَّافِـذَهْ *** إنْ شَا عَفَا عَنْهُ وإنْ شَا آخَذَهْ
بِقَدْرِ ذَنْبِهِ، إلى الجِنَــانِ
*** يُخْرَجُ إنْ مَاتَ عَلَى الإيْمَانِ
والْعَرْضُ تَيْسِيرُ الْحِسَابِ في
النَّبَا وَمَنْ يُنَاقَشِ الْحِسَابَ عُذِّبَـا
ولا تُكَفِّرْ بِالْمَعَاصِي
مُؤْمِنًَا *** إلا مَعَ اسْتِحْلاَلِهِ لماَ جَنَـى
وَتُقْبَلُ التَّوْبَة قَبْلَ
الغَرْغَـرَه *** كَمَا أتَى في الشَّرْعَةِ الْمُطَهَّرَة
أمَّا مَتَى تُغلَقُ عَنْ
طَالِبِهَـا؟ *** فَبطلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
فصل
في معرفة نبينا محمد صلى
الله عليه وسلم وتبليغه الرسالة
وإكمال الله لنا به
الدين، وأنه خاتم النبيين،
وسيد ولد آدم أجمعينوأن
من ادعى النبوة بعده فهو كاذب
نَبُّينَا مُحَمَّدٌ مِنْ هَاشِــمٍ
*** إلى الذَّبِيحِ دُونَ شَكِّ يَنْتَمِي
أرْسَلَهُ الله إليْنَا مُرْشِــدَا
*** وَرَحْمَةً للعَالَمِينَ وَهُـدَى
مَوْلِدُهُ بَمَكَّةَ
الْمُطَهَّــرَهْ *** هجْرَتُهُ لطَيْبَةَ الْمُنَــوَّرَهْ
بَعْدَ ارْبَعِينَ بَدَأَ الْوحَيُ
بِـهِ *** ثُمَّ دَعَا إلى سَبِيِلِ رَبِّــهِ
عَشذرَ سِنِينَ أيُّهَا النَّاسُ
اعْبُدُوا *** رَبًّا تَعَالى شَأْنُهُ وُوُحِّـدُوا
وَكَانَ قَبْلَ ذَاكَ في غَارِ
حِرَا *** يَخْلُو بِذِكْرِ رَبِّهِ عَنِ الوَرَى
وَبَعْدَ خَمْسِينَ مِنَ الأعْوَامِ
*** مَضَتْ لعُمْرِ سَيِّدِ الأنَـامِ
أسْرَى بِهِ الله إليِهِ في
الظُّلَمْ *** وَفَرَضَ الخَمْسَ عَلَيْهِ وَحَتَمْ
وَبَعْدَ أعْوَامٍ ثَلاثَةٍ مَضَـتْ
*** مِنْ بَعْدِ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ وانقَضَتْ
أُوذِنَ بِالْهِجْرَةِ نَحْوَ
يَثْرِبَا *** مَعَ كُلِّ مُسْلِمٍ لَهُ قَدْ صَحِبَا
وَبَعْدَهَا كُلِّفَ بِالقِتَــالِ ***
لِشيعَة الْكُفْرَانِ والضَّـلاَلِ
حتى أتَوْا للدِّينِ مُنْقَادِينَـا
*** وَدَخَلُوا في السّلْمِ مُذْعِنِينَـا
وَبَعْدَ أنْ قَدْ بَلَّغَ
الرِسَالَـهْ *** وَاسْتَنقَذَ الْخَلْقَ مِنَ الْجَهَالَهْ
وأكْمَلَ الله بِهِ الإسْلاَمـَا ***
وقَام دِينُ الْحَقِّ وَاسْتَقَامَـا
قَبَضَهُ الله العَليُّ الأعْلَـى ***
سُبْحَانَهُ إلى الرَّفِيقِ الأعْلَى
نَشْهَدُ بِالْحَقِّ بِلاَ
ارْتِيَـابِ *** بِأنَّهُ الْمُرْسَلُ بِالِكِتَــابِ
وأنَّهُ بَلَّغَ مَا قَدْ
أُرْسِــلاَ *** بِهِ وَكُلُّ مَا إليْهِ أُنْـــزِلاَ
وكُلُّ مَنْ مِن بَعْدِهِ قَدِ
ادَّعى *** نُبُوَّةً فَكَاَذِبٌ فِيمَا ادَّعَـى
فَهْوَ خِتَامُ الرُّسْل
بِاتِّفَــاقِ *** وأفضَلُ الْخَلْقِ عَلى الإطلاَقِ
فصل
فيمن هو أفضل الأمة بعد
الرسول صلى الله عليه وسلم
وذكر الصحابة بمحاسنهم
والكف عن مسائهم وما شجر بينهم
وَبَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ
الشَّفِيــقُ *** نِعْمَ نَقِيبُ الأُمَّةِ الصِّدِّيـقُ
ذَاكَ رَفِيقُ المُصْطَفَى في
الْغَارِ *** شَيْخُ الْمُهاجرينَ والأنْصَارِ
وهُوَ الَّذِي بِنَفْسِهِ
تَوَلَّــى *** جِهَادَ مَنْ عَنِ الْهُدَى تَولَّى
ثَاِنيه في الفَضْلِ بِلاَ ارْتياب ***
الصَّادِعُ النَّاطِقُ بِالصَّـوَابِ
أعني بِهِ الشَّهْمَ أبَا حَفْص
عُمَرْ *** مَنْ ظَاهَرَ الدِّينَ الْقَويمَ ونصَرْ
الصَارِمُ الْمنكِي عَلَى الكُفَّار
*** وَمُوسِعُ الْفُتُوحَ في الأمْصَارِ
ثَالِثُهُمْ عُثمانُ ذُو
النُّورَيْـنِ *** ذو الْحِلمِ والْحَيَا بِغَيْرِ مَيْنِ
بَحْرُ الْعلُومِ جَامِعُ
الْقُـرْآنِ *** مِنْهُ اسْتَحَتْ مَلائِكُ الرَّحْمَنِ
بَايَعَ عَنْهُ سَيِّدُ
الأَكــوَانِ *** بِكَفِّهِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْــوَانِ
والرَّابِعُ ابْنُ عَمِّ خَيْرِ
الرُّسُلِ *** أعْنِي الإماَمَ الْحَقَّ ذا الْقَدْرِ الْعَلي
مُبِيدُ كُلِّ خَارِجيٍّ مَـاِرقِ ***
وَكُلِّ خِبٍّ رافِضِي فَاسِـقِ
مَن كَانَ للرَّسُولِ في مَكَانِ ***
هَارُونَ مِنْ مُوسَى بِلاَ نُكْرَان
لاَ في نُبوَّةٍ فَقَدْ قَدمْتَ
مَـا *** يَكْفَي لِمَنْ مِنْ سُوْءِ ظَنٍّ سَلِمَا
فَالسِّنَّةُ الْمَكَمِّلُونَ
الْعَشـرَهْ *** وَسَائِرُ الصَّحْبِ الكِرَامِ الْبَرَرَهْ
وأهْلُ بَيْتِ الْمُصْطَفَى
الأطْهَاِر *** وَتَابِعُوهُ السَّادَةُ الأَخيَــارُ
فَكُلُّهُمْ في مُحْكَمِ القُـرْآنِ
*** أَثنَى عَلَيْهمْ خَالِقُ الأكْوَانِ
في الفْتَحِ والْحَدِيدِ
والْقِتَالِ *** وَغَيْرَهَا بِأكْمَلِ الْخِصـَالِ
كَذَاكَ في التَّوْرَاةِ
والإنْجِيلِ *** صِفَـاتُهُمْ معلومةُ التفصيل
وذكرُهم في سنَّة المختـارِ ***
قَدْ سَارَ سَيْرَ الشَّمس في الأقْطَارِ
ثم السُّكُوتُ واجِبٌ عَما جَـرَى ***
بَيْنَهُـمْ مِنْ فِعْلِ مَا قَدْ قُدِّرَا
فَكُلُّهُمْ مُجْتَهِدٌ مُثَــابُ ***
وَخَطَؤُهُمْ يَغْفِرُهُ الوَهَّـابُ
خاتمة
في وجوب التمسك بالكتاب
والسنة
والرجوع عند الاختلاف
إليهما، فما خالفهما فهو رد
شَرْط قُبُولِ السَّعْي أنْ
يَجْتَمِعَا *** فِيهِ إصَابَةٌ وإخْلاَصٌ مَعَـا
لله رَبَّ العَرْشِ لا سِــوَاهُ ***
مُوَافِقَ الشَّرْعَ الَّذِي ارْتَضَاهُ
وَكُلُّ مَا خَالَفَ لِلوَحْيَيْـنَ
*** فَإنَّهُ رَدٌّ بِغَيْرِ مَيْــــنِ
وكُلُّ مَا فِيهِ الخِلاَفُ
نَصَبَـا *** فَرَدُّهُ إليْهِمَا قَدْ وَجَبَـــا
فَالدِّينُ إنَّمَا أتَى
بِالنَّقْــلِ *** ليْسَ بِالأوْهَامِ وَحَدْسِ الْعَقْل
ثُمَّ إلى هُنَا قَدْ انْتَهَيْــتُ
*** وَتَمَّ مَا بِجَمْعِهِ عُنِيــتُ
سَمَّيْتُهُ بِسُلمِ الوُصُـــولِ ***
إلى سَمَا مَبَاحِثِ الأصُـوُلِ
والْحَمْدُ لله عَلَى انتِهَائِــي ***
كَمَا حَمِدْتُ الله في ابْتِدَائي
أسْأَلُهُ مَغْفِرَةَ الـــذُّنُوبِ
*** جَمِيعِهَا وَالسِّتْرَ لِلعُيُـوبِ
ثُمَّ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ
أبَــدَا *** تَغْشَى الرَّسُولَ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدًا
ثُمَّ جَمِيعُ صَحْبِــهِ والآلِ ***
السَّادَةِ الأئِمَّةِ الأبْــدَالِ
تَدُومُ سَرمَدَا بِلا نَفَـادِ ***
مَا جَرَتْ الأقْلاَمُ بِالْمِـدَادِ
ثُمَّ الدُّعَــا وَصيَّةُ
القُـرَّاءِ *** جَمِيعهمْ مِنْ غَيْرِ مَا اسْتثْنَاءِ
أبْيَاتُهَا (يُسْر) بِعَدِّ
الْجُمـَلِ *** تَأْرِيخُهَا(الْغفْـرَانُ) فَافْهَمْ وَادْعُ لي
والحمد لله رب العالمين
لتحميل نسخة pdf مصحَّحة (نسخة الدرر السنية) اضغط هنا